في كتب أسماء الرجال المتداولة من يقال له «محمد بن مثنى» غير وقد سمع من ابن عيينة وأدرك ابن الصلت، فعلم الأستاذ أن من يطالع (التأنيب) ولا يقف على «تاريخ الخطيب) ، أولاً يراجعه في ذاك الموضوع لا يقع إلا على هذا الحافظ. والواقع أن الذي في السند «محمد بن مثنى صاحب بشر بن الحارث» كما مضى، وهذا رجل آخر، ترجمته في «تاريخ بغداد» ج ٤ ص ٢٨٦ «محمد بن المثنى بن زياد أبو جعفر السمسار كان أحد الصالحين صحب بشر بن الحارث وحفظ عنه وحدث عن نوح بن يزيد وعفان بن مسلم وغيرهم ... » ثم ذكر قول ابن أبي حاتم: «كتبة عنه مع أبي وهو صدوق» وأنه «مات سنة ٢٦٠» وهذا دون ابن أبي عمر بكثير ولم يخرج له أحد من الستة وابن أبي عمر روى عنه مسلم في صحيحه مائتي حديث وستة عشر حديثاً على ما في «التهذيب» عن كتاب «الزهرة» وستأتي ترجمته والنظر في كلام الأستاذ فيه. وفوق ذلك فالسمسار يظهر أنه لم يدرك ابن عيينة وان ابن الصلت افتضح في روايته عنه انه قال «سمعت ابن عيينة» فان ابن عيينة مات سنة ٩٨ والمسلمون من شيوخ السمسار ماتوا بعد ذلك بزمان، فبشر ابن الحارث سنة ٢٢٧ وعفان ٢٢٠، ونوح بن يزيد قريباً من ذلك، ولم اظفر بتاريخ وفاته ولكن ذكروا في الرواة عن أحمد بن سعد بن إبراهيم أبا إبراهيم الزهري الذي ولد سنة ١٩٨ كما في «تاريخ بغداد» ج ٤ ص ١٨١، وأحمد بن علي بن الفضيل أبا جعفر الخراز المقرئ المتوفى سنة ٢٨٦ كما في «تاريخ بغداد» ج٤ ص٣٠٣ فظهر بذلك أن وفاة كانت سنة بضع عشرة ومائتين أو بعد ذلك. أضف إلى ذلك آن من عادتهم أنهم يحرصون على أن يذكروا في ترجمة الرجل أقدم شيوخه واجلهم فلو عرف لسمسار سماعاً من ابن عيينة أو أحد أقرانه أو من قرب منه لكن أولى أن يذكروه في شيوخه من نوح وعثمان.
فإن قيل: أن كان ابن الصلت أراد الكذب فما الذي منعه أن يسمى شيخاً أشهر من السمسار واثبت لا يشك في سماعه من ابن عيينة؟ قلت منعه علمه بان الكذب على المشاهير سرعان ما يفتضح لإحاطة أهل العلم بما رووه بخلاف المغمورين الذين لم يرغب