ومع ما تقدم فلا معنى للموازنة بين شيخ ابن الصلت وبين ابن أبي عمر ما دام ابن الصلت فيه ما فيه ومع ذلك فقد عضد الخطيب رواية ابن أبي عمر برواية عبد الرزاق بن هارون وهي عنده في ترجمة سفيان من (التاريخ) ج ٩ ص ١٥٤ من وجهين بنحو رواية ابن أبي عمر، وقريب منها رواية العباس بن يزيد البحراني في (تاريخ بغداد) ج ٣ ص ٢٢٧.
فقد اتضح جدا صحة قول الخطيب أن المحفوظ عنده اقتصار ابن عيينة على الثلاثة لم يذكر أبا حنيفة، فإن المحفوظ عندهم هو الطرف الراجح كما مر في ترجمة الخطيب ولا يخفى على عارف اطلع على ترجمة ابن الصلت أن روايته بالنسبة إلى ما قال الخطيب أنه المحفوظ عنده نسبة الوهم إلى الظن.
وأما قول الخطيب:«الأمر الآخر إن المحفوظ عن ابن عيينة ... » فالحكاية التي ذكرها ساقها بسندين في أحدهما المنكدري وفي الآخر ابن درستويه وستأتي ترجمتهما وحاصل الكلام فيهما أن المنكدري ليس بعمدة ولكنه أحسن حالا من ابن الصلت بكثير وأن ابن درستويه موثق لا يضره ما قيل فيه مع أن رواية الخطيب من طريقة عن يعقوب بن سفيان إنما يأخذهما من (تاريخ يعقوب بن سفيان) فرجحان هذه الرواية وحدها على رواية واضح جدا فقول الأستاذ: «أفبمثل هذين الإسنادين يكون الخبر محفوظا؟» لا وجه له على أن الخطيب ضم إلى ذلك رواية الحميدي وهي عنده في (التاريخ) ج ١٣ ص ٣٩٩ من وجهين رجال كل منها ثقات وإن تكلم الأستاذ في بعضهم بما بينت حاله في تراجمهم والحميدي إمام وان كره الأستاذ. ثم أشار الخطيب إلى الكلمات الأخرى وهي معروفة.
ومن تأمل ما تقدم وعرف ابن الصلت معرفة جيدة ولم يعمه الهوى لم يرتب في صحة حكم الخطيب على ابن الصلت بأنه زاد تلك الزيادة من عنده، على أن