للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مهدي فأخذ القلم وضرب على اسم ابن مهدي؛ وكان كثيراً يعرض عليّ أحاديث في أسانيدها أسماء قوم غير منسوبين ويسألني عنهم فاذكر له أنسابهم، فليحقها في تلك الأحاديث ويزيدها في أصوله موصولة بالأسماء، وكنت أنكر عليه هذا الفعل فلا يثني عنه» .

أقول: أما الأمر الأول، وهو إلحاق السماع فأجاب ابن الجوزي في (المنتظم) ج ٨ ص ١٥٥ بقوله «هذا لا يوجب القدح لأنه إذا تبين سماعه للكتاب جاز أن يكتب سماعه بخطه؛ والعجب من عوام المحدثين كيف يجيزون قول الرجل أخبرني فلان ويمنعون أن يكتب سماعه بخط نفسه أو إلحاق سماعه بما يتقنه» .

أقول: جرت عادتهم بكتابة السماع وأسماء السامعين في كل مجلس فمن لم يسمع له في بعض المجالس دل ذلك على أنه فاته فلم يسمعه، فإذا أدعى بعد ذلك سمعه أنه ارتابوا فيه لأنه خلاف الظاهر فإذا زاد فألحق اسمه أو تسمعيه بخط كاتب التسميع الأول قالوا: زوَّر. والظاهر أن هذا لم يقع من ابن المذهب، ولو كان وقع لبالغ الخطيب في التشنيع، وإنما ألحق ما ألحق بخطه الواضح، ولا ريب أن من استيقن أنه سمع جاز له أن يخبر أو يكتب أنه سمع، وأن من تثبيت عدالته وأمانته ثم ادعى سماعاً ولا معارض له، أو يعارضه ما مر ولكن له عذر قريب كأن يقول فاتني أولاً ذلك المجلس وكان الشيخ يعتني بي فأعاده لي وحدي ولم يحضر كاتب التسميع، فإنه يقبل منه، ولعل هذا هو الواقع، فقد دل اعتماد الخطيب عليه في كتاب (الزهد) كما يأتي واقتصاره في الحكم على قوله «ليس بمحل للحجة» أنه كان عنده صدوقاً، وذكر ابن نقطة كما في (الميزان) أن مسندي فضالة ابن عبيد وعوف بن مالك وأحاديث من مسند جابر لم تكن في كتاب ابن المذهب وهي ثابتة في رواية غيره عن شيخه قال: «ولو كان يلحق اسمه كما زعم الخطيب لألحق ما ذكرناه» يعني لو كان يلحق اسمه فيما لم يسمع، والخطيب لم يقل ذلك، وإنما أطلق أنه الحق اسمه لأن ثبوت السماع بمجرد الدعوى مع الصدق ليس في درجة ثبوته بالبينة، وقد قال الخطيب في (الكفاية) ص ١٠٩ «ومذاهب النقاد

<<  <  ج: ص:  >  >>