فيه أكثر من هذا فعرفنا أن قول ابن معين فيه:«ليس بشيء» أراد بها الجرح كما هو المعروف عند غيره في معناها، فتدبر ما تقدم ثم انظر حال الكوثري إذ يبني على حكاية الأزدي عن ابن معين إنه قال في ثعلبة «ليس بشيء» ويعلم حال الأزدي وأنه كان بعد ابن معين بمدة ويعرف أن ابن معين قد يطلق تلك الكلمة لا على سبيل الجرح، وأن الحجة قائمة على أن هذا من ذاك، ومع ذلك كله يقول الكوثري في ثعلبة «ضعيف» وفي أبي العطوف يرى الكوثري جرح الأئمة له وأن له أحاديث غير قليلة، وأن ذلك مبين أن قول ابن معين فيه:«ليس بشيء» إنما أراد بها الجرح، ولكن الكوثري يقول ص ١٢٩:«وقال ابن معين: ليس بشيء، وهو كثيراً ما يقول هذا فيمن قل حديثه» ! وعذر الكوثري أنه بحاجة إلى رد رواية رواها ثعلبة وإلى تقوية أبي العطوف، هكذا تكون الأمانة عند الكوثري !
٣- عبد الله بن جعفر بن درستويه. قال الكوثري صفحة ٣٩:«كان يحدث عمن لم يدركه لأجل دريهمات يأخذها، فادفع إليه درهماً يصطنع لك ما شيءت من الأكاذيب» ذكر الكوثري هذه التهمة في عدة مواضع كلها بالجزم، بل نبز هذا العالم الفاضل الذي لا ذنب له إلا أنه روى كتاباً مشهوراً وهو (تاريخ يعقوب بن سفيان) ، وقد ثبت سماعه له حتى أن الذي أنكر عليه رجع أخيراً فقصده فسمع منه، كما في ترجمته من (تاريخ بغداد) ، نبزه الكوثري بلقب «الدراهمي» مع أنه لا مستند للكوثري في ذلك، إلا ما حكاه الخطيب عن هبة الله الطبري أنه ذكر ابن درستويه وضعفه وقال:«بلغني أنه قيل له حدث عن ابن عباس الدوري حديثاً ونحن نعطيك درهماً، ففعل، ولم يكن سمع من عباس» .
ولا يخفى على عالم أن هذه الحكاية لا يصح الاستناد عليها لجهالة المبلغ للطبري، والكوثري أعلم الناس بهذا بل جاوزه كثيراً فيقول راداً لروايات الثقات الأثبات عمن يصرحون باسمه وقد ثبتت صحبتهم له وهم مع ذلك أبرياء من التدليس فيقول الكوثري: «اللفظ لفظ انقطاع ! حتى أحوجني ذلك إلى أن بينت في القسم الأول