ولوضوح ذلك لم يحتج الراوي إلى ذكره، فأما الخجل فهو حال نفسية ليس في القصة دليل على عدمه، على أن الذين حضروا وثقلوا عليه في مرضه بطلب السماع أولى بأن يخجلوا، فأما هو فمريض معذور.
وأما قوله لمن سأله عن الثوري فكان السائل كما في القصة «من أهل الرستاق» وفي ذلك مع جواب صالح ما يعلم منه أن السائل كان جاهلاً مغفلاً وثقل على صالح بالسؤال عن المحدثين حتى بلغ من جهله أن يسأل عن سفيان الثوري المجمع على إمامته وجلالته إجماعاً صادقا لا يخفى عن طالب العلم في تلك الأزمنة، وكان الحاضرون غير ذاك الجاهل يعرفون عادة صالح في التنكيت، ويشاهدون جهل السائل وتثقيله، ويعرفون اعتقاد صالح في الثوري، فتجوز صالح في تلك الكلمة عالما بأن الحاضرون سينهبون السائل على الحقيقة، ولو لم ينبهوه لنبهه صالح في المجلس، وما وقع في القصة «أما أعجبك» صوابه «ما أعجبك!» كما يوضحه السياق وقوله «من يسأل مثلي» يريد به أن الرجل مغفل فلو فرض أنه لم ينبه في المجلس وذهب يحكي عن صالح أنه قال لما سأله عن الثوري «كذاب» لما قبل منه ذلك أحد ولا التفتوا إليه لظهور تغفيله عن العلم بحال الثوري وعقيدة صالح فيه.
قول الأستاذ «فيفيد جوابه هذا أنه ممن لا يقبل قوله في الأئمة» .
إن أراد به أنه حكى بعض المغفلين عن صالح مثل تلك الكلمة أنه قالها في مثل الثوري فيما تقدم لم يلتفت إلى تلك الحكاية فحق، وإن كنا لا نعلم شيئاً من هذا القبيل غير ما تضمنته تلك الحكاية.
قوله «لضياع قوله بين الهزل والجد» باطل وأي شيء له من الهزل في هذا الباب غير تلك الحكاية الفذة التي مر توجيهها؟ أما جده في هذا الباب أعني كلامه في