الرواة جرحاً وتعديلاً فأكثر من أن يحصى وهو في قبول ذلك منه كغيره من أئمة الحديث بإجماع أهل العلم.
قوله «والعجب من هؤلاء الأتقياء الأطهار ... » إن أراد به قول صالح في الحسن ابن زياد يتهم بداء سوء» فليس بقذف كما لا يخفى على ذي فقه.
أولاً: لأن صالحاً يثبت، وإنما ذكر أن الحسن يتهم، أي يتهمه بعض الناس، وفي كتب الحنفية أنفسهم «إن قال قد أخبرت بأنك زان لم يكن فيه حد» .
ثانياً: لأنه لم يثبت الفعل وإنما أثبت اتهام بعض الناس.
ثالثاً: لم يذكر صريح الزنا، وإنما قال «بداء سوء» وأدواء السوء كثيرة بل لعل تلك الكلمة لا تعريض فيها بموجب الحد، وإنما المراد بداء السوء ما دون الفاحشة ولم تقتصر حال اللؤلؤي على التهمة بما دون الفاحشة بل شهد عليه الأئمة الإثبات بفعله في الصلاة كما سلف في ترجمة الخطيب، وتراه في ترجمة اللؤلؤي من (لسان الميزان) وغيره. وصالح مكلف شرعاً بإخبار سائله عن اللؤلؤي بحاله في ما يقتضي عدالته أو جرحه، وقد نص جماعة من أهل العلم على أن قاصد الجرح إذا قال في المسئول عنه «هو زان» لم يكن قذفاً محرماً وإنما هو شهادة وجب عليه أداؤها. فتدبر ما تقدم ثم انظر هل هناك كلمة يؤدي بها صالح ما وجب عليه أعف وأطهر من قوله «يتهم بداء سوء» ؟ وقد حكى الحنفية أنفسهم عن إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة كلمة شنيعة قالها وليس في ترجمة الخطيب كلمات الكوثري في حقه، فالأستاذ يستحل لنفسه ولأصحابه ما لا يكاد يحل لمن رفع عنه القلم، ويحاول التشنيع على هذا الحافظ المجمع على ثقته وأمانته بكلمة هي أعف وأطهر ما يمكنه أن يؤدي بها ما أوجب الله تعالى عليه، ثم يضج ويعج من مخالفيه إذا نسبوه إلى تعمد المغالطة. وستأتي شيء من حال اللؤلؤي في الرواية في ترجمة محمد بن سعد العوفي.