ابن الجوزي أنه يجوز أن يكون أبو الحسن حول الحديثين المذكورين مثلاً فألحق الأول في مسند أبي هريرة والثاني في مسند أنس. ولا يخفى بُعد هذا الاحتمال إذ لو كان هذا هو الواقع لما كان هناك ما يدعو الحفاظ الأثبات كالدارقطني وابن شاهين إلى شدة الإنكار وكتابه المحضر، ولما عبر ابن رزقويه بقوله:«وضع أبو الحسن» فأما قول ابن الجوزي «ومن مسموعاته» فكأنها راد به أنه إن لم يكون ذانك الحديثان من (المسند) فيجوز أن يكون سمعها من أبو الحسن خارج (المسند) بسند (المسند) كأن يكون (المسند) عنده من روايته عن ابن الصواف عن عبد الله بن أحمد عن أبيه، وسمع بهذا السند نفسه حديثين مفردين فألحقهما في (المسند) . وهذا الاحتمال أقرب من الأول، وعليه فلم فلم يكن من أبي الحسن وضع ولا افتراء. ويبقى النظر في صورة إلحاقه، فإن كان أنهما علقهما في الحاشية على سبيل الفائدة الزائدة لا على إيهام أنهما منه، فقد أساء، إلا أنه لا يكون ذلك وضعاً للحديث وافتراءً له. وإنكار الحفاظ وكتابة المحضر وقول ابن رزقويه «وضع ... في (مسند أحمد) » يدل أن الواقع لم يقتصر على الكتابة في الحاشية بدون إيهام.
وقد وقع التقصير من الجانبين، قصر الأزهري عن تفصيل القضية فلم يذكر ما هما الحديثان وما قال الحفاظ، وقصر محدثوا الحنابلة فلم يراجعوا عند كتابة المحضر ولم ينقلوا بيان الحال إن كان كان الواقع على وجه لا يضر صاحبهم أبا الحسن. فلو ساغ لابن الجوزي أن يتهم الخطيب بالميل لساغ لمن يدافع عن الخطيب أن يقول: لو كان هناك ميل لتداركه محدثوا الحنابلة في عصر الخطيب عندما سمعوا ما ذكره الخطيب في (تاريخه) ، ولعلهم كانوا قد علموا بالقضية أو سألوا عنها فعرفوها ورأوا أن السكوت عنها أولى، لأن ذكرها مفصلة لا ينفع صاحبهم بل لعله يكون أضر عليه. وقد كان ابن الجوزي قريباً من عصر الواقعة فإن لم يعتن بالبحث عنها والسؤال فقد قصر، وإن بحث وسأل فعرفها فما باله اقتصر على التجويزات البعيدة والتجني على الخطيب؟ ولا يظن به أنه بحث وسأل فلم يجد خبراً ولا أثراً إلا ما ذكره الخطيب، لأنه لو كان الأمر