للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هكذا لكان الظاهر أن يذكره ابن الجوزي فإنه أقوى للدفاع مما اقتصر عليه. وبعد فالأسلم للجانبين والأحقن لدم الأخوين أن يقال: لعل أبا الحسن سمع ذينك الحديثين مفردين ليسا من (المسند) ولكنهما بسنده فألحقهما في الحاشية أو بين السطور غير قاصد الإيهام، ولكن كانت صورة الإلحاق موهمة فأبو الحسن معذور لعدم قصده، والمنكرون معذورون لبنائهم على الظاهر. والله أعلم.

وأما الأمر الثاني، فأجاب عنه بأن عبد الواحد «لا يعول على قَوْله ... » وستأتي ترجمة عبد الواحد، فلا هو بالذي تقوم الحجة بما ينفرد به ولا هو بمن يظنه أن يختلق مثل هذه القصة اختلاقاً. وإذا كان الأمر كذلك فلا مانع منه أبداً. احتمال يخف به الاستبعاد كأن يقال لعل صاحب القصة رجل آخر غير أبي الحسن ويكون ابن المسلم لم يسمعه بل قال مثلاً «بعض الفقهاء» أو «بعض الشيوخ» ولعله ذكر مذهبه، فظن عبد الواحد أنه أبو الحسن فسماه.

وأما الأمر الثالث، فلم يذكره الخطيب في ترجمة عبد العزيز، وإنما الذي اهتم به عبد العزيز هو الذهبي، ولا حجة للذهبي على ذلك إلا أن عبد الوهاب موثق وعبد العزيز قد قيل فيه ما تقدم في الأمرين السابقين، وقد علمت أن الأمر الثاني لم يثبت ولا قارب، وأن الأمر الأول لا يخلوا عن احتمال، فالأولى في هذا الأمر الثالث الحمل على أحد الآباء المجاهيل.

ومع أن ابن الجوزي دافع عن أبي الحسن فلم يذكر أن أحداً من حفاظ الحنابلة أو غيرهم وثقه، ولا وثقه هو، بل اقتصر على أنه لا يجوز القطع عليه بالكذب، وإنما ذكر قول أبي يعلى ابن الفراء الحنبلي «رجل جليل القدر وله كلام في مسائل الخلاف وتصنيف في الأصول والفرائض» .

والذي يتحصل هنا أنه لم يثبت ما يقطع به أبي الحسن أنه وضع الحديث لكنه مع ذلك لم يثبت على قواعد الرواية ما يقتضي أن تجب الحجة برواية ينفرد بها. فأم الخطيب فمن أنصف علم بأنه لم يعتد ما يوجبه عليه فنه ومقامه. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>