يوسف ... ومن أتبع أهل العلم لأبي حنيفة وأرعاهم لجانبه فلا أشك أن هذه الرواية مختلقة» .
أقول: أما مسايرته لابن أبي داود فقد أجاب عنها مراراً بأنه مكره وكان في أيام المحنة إذا خلا بمن يثق به من أهل السنة ذكر له ذلك وأنه يرى أن الجهمية كفار، جاء ذلك من طرق. فإن قيل: لم يكن الدعاة يكرهو ن أحداً أن يكون معهم وإنما كانوا يكرهو ن على قول مثل مقالتهم كما فعلوا بيحيى بن معين وغيره، فكيف أكرهو اابن المديني على مسايرتهم؟ قلت: كان الدعاة يرون أنه لا غنى لهم عن أن يكون بجانبهم من يعارضون به الإمام أحمد ولم يكن هناك إلا ابن المديني أو يحيى بن معين، فأما ابن معين فإنه وإن كان أضعف صبراً وأقل ثباتاً من أحمد بحيث أنه أجاب عند الإكراه إلى إجراء تلك المقالة على لسانه، فلم يكن من الضعف بحيث إذا هددوه وخوفوه على أن يسايرهم ليجيبهم إلى ذلك، ولعلهم قد حاولوا ذلك منه فأخفقوا، فما بقي إلا ابن المديني، وكان هو نفسه شهد على نفسه بالضعف قال:«قوي أحمد على السوط ولم أقو» وقال لابن عمار: «خفت أن أقتل وتعلم ضعفي أني لو ضربت سوطاً واحداً لمت» أو نحو هذا. وقال لأبي يوسف القلوسي لما عاتبه:«ما أهو ن عليك السيف» . وقال لعلي بن الحسين:«بلغ قومك عني أن الجهمية كفار ولم أجد بداً من متابعتهم لأني حبست في بيت مظلم وفي رجلي قيد حتى خفت على نفسي» وذكر عند يحيى بن معين فقال:
«رجل خاف» . وإنما أنكر عليه في طول مسايرته للجهمية ما جرى في حديث الوليد بن مسلم، كان الوليد يروي عن الأوزاعي عن الزهري عن أنس عن عمر أنه قرأ قوله تعالى:(وَفَاكِهَةً وَأَبّاً) فتردد في معنى الأب ثم قال: «أيها الناس خذوا بما بين لكم فاعملوا به، وما لم تعرفوه فكلوه إلى عالمه» فأخطأ الوليد مرة فقال: «إلى خالقه» . كأنه جعل الضمير للأب ونحوه مما ذكره الله عز وجل من مخلوقاته، فكان أهل العلم يروونه عن الوليد على الصواب وربما ذكروا أنه أخطأ فقال:«إلى خالقه» ورواه ابن