وابن أبي أنس مالك هذا عم مالك بن أنس رضي الله عنه» .
أقول: كلمة «مولى» تطلق في لسان العرب على معاني مختلفة منها الحليف وذلك معروف مشهور في كلامهم وأشعارهم وهو المراد هنا كما بينه مالك وغيره وابن أبي أنس الذي روى عنه الزهري هو نافع بن مالك بن أبي عامر وقال البخاري في (تاريخه) في ترجمة نافع هذا: «الأصبحي حليف بني تيم من قريش» وقال في ترجمة أبيه مالك بن أبي عامر: «الأصبحي حليف عثمان بن عبيد الله التيمي» وهكذا قال في ترجمة مالك الإمام. فأما ابن إسحاق فيظهر أنه إنما كان يطلق أن مالكا مولى يريد أنه حليف ولكن يحب أن يوهم خلاف ذلك لكدورة كانت بينه وبين مالك.
ولا نلوم الأستاذ في التشبت بالشبهات فإنه أقام نفسه مقاما يضطره إلى ذلك ولكننا كنا نود لو أعرض عن الشبهات التي قد سبق إليها فحلت وانحلت واضمحلَّت واقتصر على الشبهات الأبكار التي يجد لذة في اختراعها ويجد أهل العلم لذة في افتراعها!
وذكر الأستاذ ص ١١٦ ما روي عن مالك أنه ذكر أبا حنيفة فقال:«كاد الدين كاد الدين» قال الأستاذ (لست أدري كيف يرميه من يرميه بكيد الدين مع أنه لم يكن متساهلا في أمر الطهو ر ولا متبرئا من المسح على الخفين في رواية من الراويات ولا منقطعا عن الجمعة والجماعات ... .» ذكر الأستاذ أمورا تنسب إلى مالك ليس فيها ما يداني ما عيب به غيره بل ليس فيما يصح منها بحمد الله عز وجل ما يسوغ الذي علم أن يذكره في معرض العيب وأشفها لزوم البيت وترك حضور الجماعة وقد روي عن مالك أنه قيل له في ذلك فقال:«ليس كل الناس يقدر أن يتكلم بعذره» فعرف الناس أن له عذرا وعلموا أنه مؤتمن على دينه ما كان ليمنعه من ذلك إلا عذر شديد وقد يكون ذلك كراهية الصلاة خلف أمراء الجور ومثل هذا العذر لو باح به بطشوا به وأفقدوا الأمة علمه وإمامته وفي ذلك من الضرر على الدين والأمة ما فيه.