وقال الأستاذ ص ٦٧: «ذكر المبرد في كتاب (اللحنة) عن محمد بن القاسم التمائمي عن الأصمعي قال: دخلت المدينة على مالك بن أنس فما هبت أحدا هيبتي له فتكلم فلحن فقال: مطرنا البارحة مطرا أي مطرا. فخف في عيني فقلت ... . فقال: فكيف لو رأيتم ربيعة كنا نقول له: كيف أصبحت؟ فيقول: بخيرا بخيرا.
أقول: هذه الحكاية منكرة عن الأصمعي فينظر من حكاها عن كتاب المبرد وعلى فرض ثبوتها عن المبرد ففيه كلام معروف ومحمد بن القاسم التمائمي لم أعرفه ولعله محمد بن القاسم اليمامي وهو أبو العيناء أصله من اليمامة وليس بثقة قد اعترف بوضع الحديث فما بالك بالحكايات. ومما يدل على بطلان هذه الحكاية أمور:
الأول: أن الأصمعي كان من أشد الناس توقيرا لأئمة السنة.
الثاني: أنه كان مبجلا لمالك حتى روي عنه أنه كان يفتخر بأن مالكا روى عنه.
الثالث: أن فيها قرن مالك بشيخه ربيعة وهذا يدل على تحري الطعن في علماء المدينة وليس ذلك دأب الأصمعي إنما هو دأب أصحاب الرأي.
الرابع: أن اللحن الذي تضمنته الحكاية خارج عن المعتاد فإن العامة فضلا عن العلماء يقفون بالسكون. وهذا كله يدل أن هذه الحكاية فرية قصد بها الغض من علماء المدينة.
وقال الأستاذ ص ١٠٦: «ومالك هو القائل في أبي حنيفة ... عرقت مع أبي حنيفة إنه لفقيه يا مصري ... وهو الذي كان عنده عن أبي حنيفة فقط نحو ستين ألف مسألة كما رواه الطحاوي بسنده عن عبد العزيز الدراوردي ونقله مسعود بن شيبه في (كتاب التعليم) وكان يستفيد من كتب أبي حنيفة كما ذكره أبو العباس بن أبي العوام بسنده ... . وكان يذاكره العلم في المسجد النبوي كلما قدم كما ذكره الموفق الخوارزمي وغيره» .
أقول: الحكاية الأولى لم يذكر سندها. والثانية منكرة ولم يذكر سند الطحاوي ثم إن لم توجد إلا في (كتاب التعليم) فكتاب التعليم حديث خرافة كما بينته في