منها حديث عمرو بن دينار في لحوم الخيل وقد مر، وهذا حكم من مسلم بأن عمراً غير مدلس، وأن ما قد يقع عن مثل ذاك الإرسال ليس بتدليس. وأحتج الشيخان بكثير من أحاديث عمروالتي لم يصرح فيها بالسماع، واحتج مسلم بحديث في المخابرة رواه ابن عيينة عن عمروعن جابر، مع انه قد ثبت عن ابن عيينة أن عمراً لم يصرح فيه بالسماع من جابر. وهذا الترمذي حاكي الحكايتين عن البخاري صح في لحوم الخيل رواية ابن عينة التي فيها «عمروعن جابر» وخطأ حماد بن زيد في قوله «عمروعن محمد بن علي عن جابر» مع جلالة حماد وإتقانه، فلو كان عند الترمذي أن عمراً يدلس لما كان عنده بين الروايتين منافاة. والصحيح أنه لا منافاة ولا تدليس كما مر. فأما ما في (معرفة الحديث) للحاكم ص ١١١ في صدد كلامه في التدليس: «فليعلم صاحب الحديث أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة ... وأن عامة حديث عمرو بن دينار عن الصحابة غير مسموعة» . فإنما قال ذلك في صدد من روى عمن لم يره قط ولا سمع منه شيئاً، فإن تلك العبارة هي في صدد قوله ص ١٠٩ «الجنس السادس من التدليس قوم رووا عن شيوخ لم يروهم قط ... » . وحاصل ذلك أن عمراً يرسل عمن لم يره من الصحابة، وهذا على قلة ما قد يوجد عن عمروفيه ليس بتدليس وإنما يسميه جماعة تدليساً إذا كان على وجه الإيهام، فأما أن يرسل المحدث عمن قد عرف الناس أنه لم يدركه أو لم يلقه فلا إيهام فيه فلا تدليس. وعادة أئمة الحديث إذا كان الرجل ممن يكثر منه هذا الإرسال أن ينصوا على أسماء الذين روى عنهم ولم يسمع منهم، كما تراه في تراجم مكحول والحسن البصري وأبي قلابة عبد الله بن زيد وغيرهم، ولم نجد في ترجمة عمروإلا قول ابن معين:«لم يسمع في البراء بن عازب» ولعله لم يرسل عن البراء إلا خبراً واحداً. وسماع عمرومن ابن عباس ثابت، والحكم عندهم فيمن ليس بمدلس ولكنه قد يرسل لا على سبيل الإيهام أن عنعنته محمولة علة السماع إلا أن يتبين أنه لم يسمع، كالحديث الذي رواه شعبة عن عمروعن جابر وقد تقدم. ووجه ذلك أنه لم يثبت