عليه إلا أنه قد يرسل لا على وجه الإيهام، ومعنى ذلكأنه لا يرسل إلا حيث يكون هناك دليل واضح على أنه لم يسمعه، فحيث وجدنا دليلاً واضحاً على عدم السماع فذاك، وحيث لم نجد كان الحكم هو السماع ألا ترى أن الثقة قد يخطئ، ومع ذلك فروايته محمولة على الصواب ما لم يقم دليل واضح على الخطأ، فأولى من ذلك أن يحكم بالاتصال في حديث من لم يعرف عنه ألا الإرسال حيث لا إيهام، لأن المخطئ قد يخطئ حيث لا دليل على خطائه بخلاف المرسل. والحكم عندهم فيمن عرف بالتدليس وكثر منه إلا أنه لا يدلس إلا فيما سمعه من ثقة لا شك فيه أن عنعنته مقبولة، كما قالوه في ابن عيينة فما بالك بما نحن فيه؟
وأما عدم اشتهار الحديث عن ابن عباس فلا يضره بعد أن رواه عنه ثقة جليل فقيه وهو عمرو بن دينار، وكم من حديث صححه الشيخان وغيرهما مع احتمال أن يقال فيه مثل هذا أو أشد منه، هذا حديث «إنما الأعمال بالنيات» عظيم الأهمية عند أهل العلم حتى قالوا أنه نصف العلم. وهذا مما يقتضي اشتهاره، وفي روايته ما يشير إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب به على المنبر، وهذا مما يقتضي اشتهاره، وذكر فيه أن عمر بن الخطاب رواه وهو يخطب على المنبر، وهذا مما يقتضي اشتهاره، ومع ذلك لم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم غير عمر بن الخطاب، ولا رواه عن عمر غير علقمة بن وقاص، ولا رواه عن علقمة غير محمد بن إبراهيم التيمي، ولا رواه عن محمد غير يحيى بن سعيد الأنصاري، ومع ذلك صححه الشيخان وغيرهما وجعلوه أصلاً من أصول العلم، بل جعلوه نصف العلم كما مر.
فإن قيل: لكن له شواهد.
قلت: وحديث القضاء بالشاهد اليمين كذلك فقد جاء من رواية جماعة من