إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى» إلى أن قال «ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا» إلى أن قال «وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ» .
إن قيل: أمر الله تعالى أن يستشهد عند المدينة رجلان فإن لم يكونا فرجل وامرأتان، فدل ذلك على أنه لا يثبت الحق عند التداعي عند الحاكم إلا بذلك.
فالجواب: إن أردتم أنه لا يثبت مطلقاً إلا بذلك فهذا باطل، إذا قد يثبت الحق بالاعتراف، بالنكول فقط عند الحنفية، ومع يمين المدعي عندنا، وإن أردتم أنه لا يثبت بشهادة إلا كذلك فهذا لا يفيدكم، فإن الحديث إنما أثبته بالشاهد واليمين لا بالشاهد وحده.
فإن قيل: لو كان يثبت بشاهد ويمين لما كان بالأمر برجلين أو رجل وامرأتين فائدة.
قلنا: بلى، له فوائد عظيمة، الأولى ما نصت عليه الآية:«ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا» ، وهذا كما يحصل بالكتابة مع أن الحق لا يثبت بالكتاب وحده، فكذلك يحصل بالشهادة التامة، فإن القضاء يحصل بشهادة تامة أظهر في القسط والعدل من القضاء بشاهد ويمين، وأقوم للشهادة لأن كلاً من الشاهدين يبالغ في التحفظ لئلا تخالف شهادته شهادة الآخر، وأبعد عن الريبة كما لا تخفى، وقد دل الآتيان بصيغة التفضيل على أن أصل القسط، وقيام الشهادة، والبعد عن الريبة، قد يحصل بما هو دون ما ذكر، فما هو؟ ليس إلا الشاهد واليمين، كما دل