للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• المثال الأول:

ما ذكره السرخسي في (فصل: في بيان الكتاب وكونه حجة) بعد أن ذكر أن "الكتاب هو: القرآن المنزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، المكتوب في دفات المصاحف، المنقول إلينا على الأحرف السبعة (١)

المشهورة نقلاً متواترًا؛ لأن ما دون المتواتر لا يبلغ درجة العيان ولا يثبت بمثله القرآن مطلقًا" (٢). ثم أورد تقدير استدراك عليه فقال:

"فإن قيل: فقد أثبتم بقراءة ابن مسعود (٣) - رضي الله عنه - {فصيام ثلاثة أيام متتابعات} (٤) كونه قرآنًا في حق العمل به، ولم يوجد فيه النقل المتواتر، ولم تثبتوا في التسمية مع النقل المتواتر كونها آية من القرآن في حكم العمل؛ وهو وجوب الجهر بها في الصلاة، وتأدي القراءة بها.


(١) اختلف العلماء بالمراد بالأحرف السبعة على أقوال كثيرة؛ منها: أنها سبعة أوجه من وجوه الاختلاف في اللغة العربية؛ كالاختلاف في الإبدال، والاختلاف بالزيادة والنقص، والاختلاف بالتقديم والتأخير، والاختلاف في تصريف الأفعال، والاختلاف في وجوه الإعراب، واختلاف الأسماء بالإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث، والاختلاف في اللهجات؛ كالتفخيم والترقيق والإمالة. يُنظر: الإتقان في علوم القرآن (١/ ٣٠٦ - ٣٣٣)؛ الجامع لأحكام القرآن (١/ ٧٧ - ٨٢)؛ أصول الفقه الميسر (١/ ٦٨ - ٧٨).

ولعل الإمام السرخسي - رحمه الله - قصد القراءات السبع؛ بدليل قوله (المشهورة نقلاً متواترًا). وقد ذكر في معنى الأحرف السبع أنها القراءات السبع؛ ولكن هذا المعنى ضعفه عدد من العلماء. يُنظر: المراجع السابقة.
(٢) أصول السرخسي (١/ ٢٧٩).
(٣) هو: أبو عبدالرحمن، عبدالله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي، الإمام الحبر، أحد القراء، كان من السابقين الأولين، شهد بدرا، وهاجر الهجرتين، كان كثير الملازمة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وشهد بعده مشاهد كثيرة منها: اليرموك، ومناقبه غزيرة، روى علمًا كثيرا، (ت: ٣٢ هـ)، وأوصى أن يدفن بجنب قبر عثمان بن مظعون، فصلى عليه الزبير بن العوام، ودفن بالبقيع.
تُنظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء (١/ ٤٦١)؛ مشاهير الأمصار (١/ ١٠)؛ الإصابة (٤/ ٢٣٣).
(٤) والقراءة المتواترة بدون لفظ "متتابعات" [المائدة: ٨٩]، ويُنظر قراءة ابن مسعود في: أحكام القرآن للجصاص (٤/ ١٢١)؛ الجامع لأحكام القرآن (٦/ ٢٦٤ - ٢٦٥)؛ فتح القدير للشوكاني (٢/ ٩٥).

<<  <   >  >>