للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن المعلوم الحاصل، فيتنبه له بأدنى تنبيه. بخلاف النسيان؛ فهو زوال المعلوم فيستأنف تحصيله" (١).

وجمعت بينهما لحصر الأسباب في النقاط الثلاثة التي ذكرتها أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -، ولأن اللغة لا تفرق بين النسيان والسهو (٢)، ولم يظهر لي فرق في استعمال الأصوليين للكلمتين.

ودونك أمثلة توضح هذا السبب:

• المثال الأول:

ما ذكره ابن حزم في فصل (تمام الكلام في تعارض النصوص): "وقالوا: ونرجح أحد الخبرين بأن يكون راوي أحدهما باشر الأمر الذي حَدَّث به بنفسه، وراوي الآخر لم يباشره، فتكون رواية من باشر أولى. ومثلوا ذلك بالرواية عن ميمونة: «نكحني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن حلالان» (٣). وبالرواية عن ابن عباس «نكح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ميمونة وهو محرم» (٤).

قال علي (٥): وهذا ترجيح صحيح؛ لأنا قد تيقنا أن من لم يحضر الخبر إنما نقله غيره، ولا ندري عمن نقله، ولا تقوم الحجة بمجهول، ولا شك في أن كل أحد أعلم بما شاهد من أمر نفسه.


(١) حاشية العطار على جمع الجوامع (١/ ٢١٦)؛ وكذلك الكفوي في الكليات فرق بينهما، يُنظر (ص: ٥٠٦).
(٢) سبق بيان النسيان في اللغة، وأما السهو: فأصل السين والهاء والواو يدل على الغفلة، يقال: سهوت في الصلاة أسهو سهوًا. يُنظر: مقاييس اللغة (٣/ ١٠٧) مادة: (سهو).
(٣) الحديث في صحيح مسلم، بلفظ: «عن يَزيدَ بن الْأصَمِّ حَدَّثَتْني ميْمُونَةُ بنت الْحَارثِ أن رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - تزَوَّجَهَا وهو حلَالٌ. قال: وكَانَتْ خَالَتي وخَالَةَ بن عبَّاسٍ» يُنظر: صحيح مسلم، ك: النكاح، ب: تحريم نكاح المُحرم وكراهة خِطبَتِه، (٢/ ١٠٣٢/ح: ١٤١١).
(٤) يُنظر: صحيح البخاري، ك: المغازي، ب: عُمْرةِ الْقضَاءِ، (٤/ ١٥٥٣/ح: ٤٠١١)؛ صحيح مسلم، ك: النكاح، ب: تحريم نكاح المُحرم وكراهة خِطبَتِه، (٢/ ١٠٣١ - ١٠٣٢/ح: ١٤١٠).
(٥) المراد به: ابن حزم.

<<  <   >  >>