للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال علي: إلا أن قائل هذا قد نسي نفسه، فتناقض وهدم ما بنى في قوله: نرجح الخبر بأن يكون راويه أضبط وأتقن، وتركوا ذلك في هذا المكان، وقد قال الأكابر من أصحاب ابن عباس -رحمة الله عليه- إذا حدثوا بحديث ميمونة المذكور: وإنما رواه عنها يزيد بن الأصم (١)، فقالوا: كلا، لا نترك حديثًا حدثناه البحر عبدالله بن العباس لحديث رواه أعرابي بوال على عقبيه!

قال علي: فإن كان كون أحد الرواة أعدل وجب أن نترك له رواية من دونه في العدالة؛ فليتركوا ها هنا رواية يزيد بن الأصم لرواية ابن عباس، فلا خلاف عند من له أدنى مسكة عقل أن البون بين ابن عباس وبين يزيد بن الأصم كما بين السماء والأرض، وإن كان لا معنى لذلك فلا ترجحوا بكون أحد الراويين أعدل.

قال أبو محمد (٢): ونسوا أنفسهم أيضًا، فتركوا ما رجحوا به ها هنا من تغليب رواية من باشر على رواية من لم يباشر في قول أنس (٣): «أنا سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وركبتي تمس ركبته، وأنا إلى جنبه رديف لأبي طلحة (٤) وهو - عليه السلام - يقول: لبيك عمرة


(١) هو: أبو عوف، يزيد بن الأصم، واسمه: عمرو بن عبيد بن معاوية البكّائي، مدني، تابعي، ثقة، وهو ابن خالة ابن عباس - رضي الله عنه -، خالتهما ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، (ت: ١٠٣ هـ).
تُنظر ترجمته في: تقريب التهذيب (١/ ٥٩٩)؛ معرفة الثقات (٢/ ٣٦٠)؛ مشاهير الأمصار (١/ ٧٤).
وروايته عنها المذكورة في صحيح مسلم السابق تخريجه (ح: ١٤١١).
(٢) أي ابن حزم.
(٣) هو: أبو حمزة، أنس بن مالك بن النضر النجّاري الخزرجي الأنصاري، صاحب الرسول - صلى الله عليه وسلم - وخادمه، وأحد المكثرين من الرواية عنه، أسلم صغيرًا، وآخر من مات من الصحابة بالبصرة سنة (٩٣ هـ).
تُنظر ترجمته في: الاستيعاب (١/ ١٠٩)؛ سير أعلام النبلاء (٣/ ٣٩٥)؛ الإصابة (١/ ١٢٦).
(٤) هو: أبو محمد، طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو القرشي التيمي، أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، وأحد الخمسة الذي أسلموا على يد أبي بكر - رضي الله عنه -، وأحد الستة أصحاب الشورى، (ت: ٣٦ هـ) في موقعة الجمل.

تُنظر ترجمته في: مشاهر الأمصار (١/ ٧)؛ تقريب التهذيب (١/ ٢٨٢)؛ الإصابة (٣/ ٥٢٩).

<<  <   >  >>