للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدرك عليهم أيضًا نسيانهم ما رحجوا به هنا من تغليب رواية من باشر على رواية من لم يباشر في قول أنس: «أنا سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وركبتي تمس ركبته وأنا إلى جنبه رديف لأبي طلحة وهو - عليه السلام - يقول: لبيك عمرة وحجًّا، لبيك عمرة وحجًّا». وفي قول البراء بن عازب إذ يقول: «سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كيفية حجه فقال له: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني سقت الهدي وقرنت».

وفي قول حفصة أم المؤمنين له: «لم تحل من عمرتك؟ فصدقها النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك وبين لها لم فعل ذلك».

فتركوا ما سمع أنس بن مالك من لفظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وما أخبر به البراء وحفصة، لخبر عن عائشة التي لم تباشر الرواية ولم تدع أنها سمعته.

• المثال الثاني:

ما ذكره ابن حزم في عدم حجية عمل أهل المدينة حيث قال: " ... وبالسند المذكور ... حدثنا عمرو بن مُسْلِمِ بن عَمَّار اللَّيْثِيِّ (١) قال: كنا في الحمام (٢) قُبيل الأضحى، فأطلى (٣) فيه ناس، فقال بعض أهل الحمام: إن سَعِيدَ بن الْمُسَيَّبِ (٤)

يكره


(١) عمرو بن مسلم بن عمار بن أكيمة الليثي، قال عنه ابن معين: ثقة. وفي رواية: لا بأس به، (ت: ١٠١ هـ)، وهو ابن (٧٩) سنة.
تُنظر ترجمته في: مشاهير الأمصار (١/ ٧٢)؛ تهذيب الكمال (٢٢/ ٢٤٠)؛ تهذيب التهذيب (٨/ ٩١).
(٢) الحمام: مشتق من الحميم، وهو الماء الحار. يُنظر: شرح النووي على صحيح مسلم (١٣/ ١٤٠).
(٣) قوله: "فأطلى فيه أناس ": أي أزالوا شعر العانة بالنورة. يُنظر: شرح النووي على صحيح مسلم (١٣/ ١٤٠).
(٤) هو: أبو محمد، سعيد بن المسيب المخزومي، سيد التابعين، ومن الأئمة الأعلام وفقهاء المدينة، كان محدثًا ومفسرًا وفقيهًا وورعًا، اختلفوا في سنة وفاته، والذي عليه أكثر المحدثين أنه في سنة (١٠٥ هـ).

تُنظر ترجمته في: حلية الأولياء (٢/ ١٦١)؛ سير أعلام النبلاء (٤/ ٢١٧)؛ تذكرة الحفاظ (١/ ٥٦).

<<  <   >  >>