للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد اضطرب عنه أيضًا في ذلك (١)، ولا شك عند ذي عقل أنه - عليه السلام - أعلم بأمر نفسه من جابر وعائشة، وأن أنسًا والبراء وحفصة الذين ذكروا أنهم سمعوا من لفظه - صلى الله عليه وسلم - ذلك وباشروه يقول ذلك أيقن من جابر فيما لم يدع أنه سمعه؛ ولكن هكذا يكون من اعتقد قولًا قبل أن يعتقد برهانه" (٢).

• بيان الاستدراك

استدرك ابن حزم على القائلين بتعارض النصوص، والتخلص من هذا التعارض بعدة طرق؛ منها:

الترجيح: بأن يكون راوي أحد الخبرين باشر الأمر الذي حدث به بنفسه، والآخر لم يباشره، فتكون رواية من باشر أولى. ومثّل ذلك بالرواية عن ميمونة «نكحني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن حلالان». وبالرواية عن ابن عباس: «نكح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ميمونة وهو محرم»، بأن قولهم هذا نسيانٌ؛ لترجيحهم الخبر الذي راويه أضبط وأتقن؛ حيثُ رجحوا في هذا الخبر حديث ميمونة الذي يرويه يزيد بن الأصم، وتركوا رواية ابن عباس، وابن عباس أحفظ وأتقن من ابن الأصم.


(١) روي عن جابر وعائشة أن نسكه - صلى الله عليه وسلم - في الحج الإفراد. يُنظر حديث عائشة في: صحيح البخاري، ك: ب: التَّمَتّعِ وَالْإقْرَانِ وَالْإفْرَادِ بالْحَجِّ ... ، (٢/ ٥٦٧/ح: ١٤٨٧)؛ صحيح مسلم، ك: الحج، ب: بيان وجُوهِ الْإحرام ... ، (٢/ ٨٧٦/ح: ١٢١١). ويُنظر حديث جابر في: صحيح البخاري، ك، ب: ، (٣/ ٥٦٨/ح: ١٤٩٣)؛ صحيح مسلم، ك: الحج، ب: بيان وجُوهِ الْإحرام ... ، (٢/ ٨٨٤/ح: ١٢١٦)، ك: الحج، ب: حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -، (٢/ ٨٨٧/ح ١٢١٨).
ويُنظر مسألة نوع نسكه - صلى الله عليه وسلم - في نيل الأوطار (٥/ ٣٩)؛ حيث فصل فيها وذكر الروايات وطرق الجمع بينها.
(٢) الإحكام لابن حزام (٢/ ١٧٨ - ١٧٩).

<<  <   >  >>