للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• المثال الثالث:

ما ذكره ابن حزم في إبطال القياس: "واحتج بعضهم بقول الله تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: ٢] قالوا: وإنما قال ذلك تعالى في الطلاق والرجعة - يعني اشتراط العدالة-، واشترط تعالى الرضا في الرجل والمرأتين في الديون فقط، فكان ذلك في سائر الأحكام قياسًا على الطلاق والرجعة.

قال أبو محمد: وهذا الاحتجاج من غريب نوادرهم؛ فأول ذلك: أن المحتج بهذا إن كان مالكيًّا فقد نسي نفسه في إباحتهم شهادة الطبيب الفاسق (١)، وفي شهادة الصبيان في الدماء والجراحات خاصة (٢)، وهم غير موصوفين بعدالة، ولم يقس على ذلك الصبايا ولا تحريق الثياب.

وإن كان حنفيًّا فقد نسي نفسه في قبول شهادة الكفار بعضهم على بعض (٣)، ونقضهم كلهم هذا الأصل في رد شهادة العبيد العدول (٤)، والأقارب العدول (٥) " (٦).


(١) لم أقف على هذا في كتب المالكية؛ بل نقل ابن رشد الاتفاق على أن شهادة الفاسق لا تقبل. يُنظر: بداية المجتهد (٤/ ١٧٧٢). ويُنظر قول المالكية في رد شهادة الفاسق في التلقين (٢/ ٥٣١).
(٢) يُنظر: التلقين (٢/ ٥٤١)؛ القوانين الفقهية (ص: ٢٠٢)؛ حاشيتا قليوبي وعميرة (٤/ ٣١٩).
(٣) المبسوط (١٦/ ١٤١)؛ تبيين الحقائق (٥/ ١٨٢).
(٤) يُنظر: المدونة (١٦/ ٢٨٥)؛ رسالة القيرواني (ص: ١٣٣)؛ المبسوط (١٦/ ١٣٥)؛ بدائع الصنائع (٦/ ٢٦٧).
(٥) يُنظر: القوانين الفقهية (ص: ٢٠٣)؛ بدائع الصنائع (٦/ ٢٧٢)؛ البحر الرائق (٧/ ٥٧)؛ حاشية العدوي (٢/ ٤٥٠).
(٦) الإحكام لابن حزم (٧/ ٤٠٦).

<<  <   >  >>