للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيخرج أكثر الواجبات من الحد، وهي الواجبات المعينة التي لا توسعة فيها" (١).

الثانية: التنبيه لدفع اللَّبْس؛ ومثاله: قول القرافي: "تنبيه: وهم كثير من الأصوليين فقالوا في حد الواجب: ما يذم تاركه، ويثاب فاعله، فضموا قيد (الثواب) إلى الحد، وهو غير مستقيم؛ فإن الحد يصير غير جامع.

وتقريره: أن ليس كل واجب يثاب فاعله، ولا كل محرم يثاب على تركه.

أما الأول: فكنفقات الزوجات، والأقارب، ورد المغصوب، ودفع الديون والأجر والأثمان إذا فعلت من غير قصد امتثال أمر الله -تعالى- وقعت واجبة مع أنه لا ثواب فيها؛ لعدم القصد لطاعة الله -تعالى-؛ بل لو لم يشعر بأن الله -تعالى- أوجبها عليه وقعت واجبة، ولا ثواب مع عدم الشعور بالإيجاب.

وأما الثاني: فلأن المحرمات تخرج الإنسان عن عهدتها بمجرد تركها وإن لم يشعر بتحريمها عليه، ولا ثواب مع عدم الشعور بالتحريم؛ لانتفاء طاعة الله -تعالى- بعدم الشعور بتكليفه، وإذا اقترن قصد الطاعة بجميع ذلك حصل الثواب. فظهر أن التحديد بالثواب في فعل الواجب وترك المحرم غير مستقيم؛ وإنما يلزم في الواجب ذم تاركه، أو استحقاق العقاب، ففي المحرم استحقاق العقاب على الفعل، أما الفعل الواجب وترك المحرم فلا" (٢).

مثال آخر: قال التاج السبكي بعد أن ذكر تخصيص الكتاب والسنة المتواترة بالإجماع: "تنبيه: معنى قولنا: تخصيص الكتاب بالإجماع: أنهم يجمعون على تخصيص العام بدليل آخر، فالمخصص سند الإجماع، ثم يلزم من بعدهم متابعتهم وإن جهلوا المخصص؛ وليس معناه: أنهم خصوا العام بالإجماع؛ لأن الكتاب والسنة المتواترة موجودان في عهده - عليه السلام -، وانعقاد الإجماع بعد ذلك على خلافه خطأ، فالذي جوزناه


(١) نفائس الأصول (١/ ٢٤٥).
(٢) المرجع السابق (١/ ٢٦٣ - ٢٦٤).

<<  <   >  >>