للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقيل (١): لأنه ضروري من وجهين، أحدهما: أن غير العلم لا يعلم إلا بالعلم، فلو عُلِمَ العلم بغيره كان دورًا، وأجيب: بأن توقف تصور غير العلم على حصول العلم بغيره؛ لا على تصوره، فلا دور" (٢).

فاستدرك البابرتي عليه بقوله: "ليس دليل الإمام (٣) ولا الجواب عنه صحيحًا ... وأما الجواب فعدم صحته من جهة اللفظ والمعنى، أما الأولى فلأن ما ذكره المصنف ألغاز وتعمية؛ فإن المقصود بيان جهة التوقف لدفع الدور، وذلك يحتاج إلى ذكر الجهتين، ولم يذكر إلا جهة واحدة؛ حيث قال: (توقف تصور غير العلم على حصول العلم بغيره؛ لا على تصوره). يريد بذلك أن غير العلم إذا علم بالعلم كان تصوره موقوفًا على حصول العلم بغير العلم؛ لا على تصور العلم، وذلك ليس بكافٍ حتى يقول: (والعلم إذا عُرِفَ بغيره كان تصوره موقوفًا على تصور ذلك الغير؛ لا حصوله؛ ليعلم أنه موقوف عليه من إحدى الجهتين هو الحصول، وهو ليس بالموقوف؛ بل الموقوف غيره؛ وهو التصور، فيندفع الدور) " (٤).

• ثالثًا: نقد المنهج.

درج بعض الأصوليين في مناقشة الموضوعات الأصولية على منهج شاق، كما أن بعضهم لم يراعِ منهجية علمية في ترتيب المسائل الأصولية.

وأقرر هذا النوع من الاستدراك بالأمثلة التالية:

• المثال الأول:

فرض السمعاني في مسألة (الأمر المطلق هل يقتضي الفور أم لا؟ ) استدراكًا


(١) القائل الرازي. يُنظر: المحصول (١/ ٨٤ - ٨٥).
(٢) مختصر ابن الحاجب (١/ ٢٠٥).
(٣) أي: الرازي.
(٤) الردود والنقول (١/ ١٢٦ - ١٢٧).

<<  <   >  >>