للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقدرًا للقائلين إنه للفور: "فإن قلتم: لأنه إن كان واجبًا في أوَّل الوقت وجاز التأخير أدى إلى نقض وجوبه وإلحاقه بالنوافل".

فأجاب عن هذا الاستدراك، وزاد جوابًا آخر لبعض الحنفية، فقال: "وقد سلك بعض أصحابنا طريقًا آخر في الجواب وقال: إنما جاز التأخير إلى بدل وهو العزم، وزعم أن الإنسان إنما يجوز له التأخير بشرط يكون عازمًا على فعله الثاني.

وذكر القاضي أبو الطيب وجهين للأصحاب في وجوب العزم، وهذه الطريقة صعب تمشيتها، شاق مسلكها للمسائل التي ذكرناها، وما ذكرنا من الجواب معتمد، وهو كاف" (١).

• بيان الاستدراك:

استدرك السمعاني على أبي الطيب منهجه في تقرير وجوب العزم بأن هذه الطريقة صعب تمشيتها، شاق مسلكها مع الأدلة التي استدل بها القائلون بوجوب الفور، والتي تنفي كون العزم بدلاً، وأن ما ذكره من الجواب معتمد وكاف عن هذه الطريقة الصعبة.

وجاء في هامش إحدى النسخ تعليق؛ وهو: "مطلب: أن في وجوب العزم على من أخر الواجب الموسع عن أول الوقت وجهين، وأن الوجه القائل بالإيجاب طريقة صعبة شاقة، وقد قال - عليه السلام - «لا حرج في الدين» (٢) " (٣).


(١) القواطع (١/ ١٤٥ - ١٤٦).
(٢) لم أقف على حديث بهذا اللفظ وإن كان المعنى صحيحًا لقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨]. ولما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - من أحاديث تقديم وتأخير أعمال يوم النحر، فكان يجيب بقوله: «لا حرج». يُنظر هذه الأحاديث في صحيح البخاري، ك: الحج، ب: إذا رمَى بعد ما أمسى أو حلق قبل أنْ يذبح ناسيًا أو جاهلاً، (٢/ ٦١٨/ح: ١٦٤٧ - ١٦٤٨)؛ صحيح مسلم، ك: الحج، ب: من حلق قبل النحر أو نحر قبل الرمي، (٢/ ٩٥٠/ح: ١٣٠٧).
(٣) القواطع، تحقيق: د. عبدالله الحكمي، هامش (٣) (١/ ١٤٥).

<<  <   >  >>