للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشافعية القائلين بجواز التعليل بها، عند استدلاله بأن هذه أمارة شرعية، فجاز أن تكون عامة وخاصة؛ كالنص يكون عامًّا؛ كقوله: اقتلوا المشركين، ويكون خاصًّا؛ كقوله: اقتلوا المرتد.

" والجواب: أنه إنما كان حجة في العموم والخصوص لأنه يفيد في الموضعين جميعًا إثبات الحكم في الموضوع المنصوص عليه، وليس كذلك في مسألتنا؛ فإنها تفيد في العموم، ولا تفيد الخصوص من الوجه الذي بيَّنَّا" (١).

ويستمر في ذكر أدلة الخصم والاستدراك عليها.

• المثال الثاني:

قال الباجي في مسألة (الأمر له صيغة تختص به)، دليل الخصم: "احتجوا بأن إثبات الصيغة للأمر لا يخلو إما أن تكون بالعقل ولا مجال له في ذلك، أو بالنقل، ولا يخلو أن يكون آحادًا فلا يقبل في أصل من الأصول، أو تواترًا ولا أصل له؛ لأنه لو كان لعلمناه كما علمتم، ولما لم نعلمه دل على أنه لا أصل له، فلا معنى لإثبات الصيغة".

فانتقد كلامهم هذا بقلب الدليل عليهم فقال: "والجواب: أن هذا ينقلب عليكم في إثبات الاشتراك في لفظة (افعل)؛ فإنه لا يخلو أن يكون بالعقل ولا مجال فيه، أو بالنقل ولا يخلو أن يكون آحادًا، فلا يجوز إثبات مسائل الأصول بأخبار الآحاد، أو تواترًا ولا أصل له لما ذكرتم، فلا معنى لدعوى الاشتراك. وكل جواب لكم عن هذا فهو جوابنا عما استدللتم به" (٢).


(١) العدة (٥/ ١٣٨٤).
(٢) إحكام الفصول (١/ ١٩٨ - ١٩٩).

<<  <   >  >>