للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عبدالجبار (١) وكبار أئمة الاعتزال، ويتخذ رأيًا جديدًا؛ فمن ذلك مثلاً: قوله في مسألة (النهي هل يقتضي فساد المنهي عنه أم لا؟ ): "اختلف الناس في ذلك؛ فذهب بعض أصحاب أبي حنيفة (٢) وبعض أصحاب الشافعي (٣) إلى أنه يقتضي فساده. وزعم غيرهم من الفقهاء: لا يقتضيه، وهو مذهب الشيخ أبي الحسن (٤)، وأبي عبدالله (٥)، وقاضي القضاة (٦)، وذكر أنه ظاهر مذهب شيوخنا المتكلمين؛ وأنا أذهب إلى أنه يقتضي فساد المنهي عنه في العبادات دون العقود والإيقاعات" (٧).

فهو بهذا اتخذ موقفًا مبايناً للفريقين وأورد أدلته، ثم أورد أدلة الفريقين واستدرك عليها؛ فمن ذلك مثلاً: استدراكه على استدلال القائلين إن النهي يدل على فساد المنهي عنه بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من أدخل في دييننا ما ليس منه فهو رَد» (٨)، فقال:


(١) هو: أبو الحسين، عبدالجبار بن أحمد بن عبدالجبار بن أحمد بن خليل الهمداني، شيخ المعتزلة، من كبار فقهاء الشافعية، عمر دهرًا طويلاً؛ حتى ظهر له الأصحاب، وبعد صيته، ورحلت إليه الطلاب، وولى قضاء الري وأعمالها، صنف تصانيف كثيرة، (ت: ٤١٥ هـ) بالري، ودفن في داره.
تُنظر ترجمته في: فرق وطبقات المعتزلة (ص: ١١٨)؛ طبقات الفقهاء الشافعية لابن الصلاح (١/ ٥٢٣)؛ طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (٥/ ٩٧).
(٢) يُنظر: الفصول في الأصول (٢/ ١٧١)؛ أصول السرخسي (١/ ٩٧)؛ فواتح الرحموت (١/ ٤٣٨).
(٣) يُنظر: شرح اللمع (١/ ٢٩٧)؛ المستصفى (٣/ ١٩٩)؛ الإحكام للآمدي (٢/ ٢٣١).
(٤) المراد به أبو الحسن الكرخي. يُنظر: البحر المحيط (٢/ ٤٤٣).
(٥) المراد به أبو عبدالله البصري.
(٦) المراد به القاضي عبدالجبار الهمذاني المعتزلي.
(٧) المعتمد (١/ ١٧٠ - ١٧١).
(٨) لم أجده بهذا اللفظ، والمروي عن عائشة - رضي الله عنها - بلفظ: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»، وبلفظ: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد».
والحديث باللفظ الأول في صحيح البخاري، ك: الصلح، ب: إذا اصْطلَحُوا على صلحِ جوْرٍ فالصلح مردود، (٢/ ٩٥٩/ح: ٢٥٥٠)؛ وصحيح مسلم، ك: الأقضية، ب: نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، (٣/ ١٣٤٣/ح: ١٧١٨).
والحديث باللفظ الثاني ذكره البخاري في صحيحه معلقًا، ك: الاعتصام، ب: إذا اجتهد العامل أو الحاكم فأخطأ خلاف الرسول من غير علم فحكمه مردود ... ، (٦/ ٢٦٧٥)، ك: البيوع، ب: النجس ... ، (٢/ ٧٥٣)؛ صحيح مسلم، ك: الأقضية، ب: نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، (٣/ ١٣٤٣/ح: ١٧١٨).

<<  <   >  >>