للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"واحتجوا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أدخل في دييننا ما ليس منه فهو رَد». قالوا: والمنهي عنه ليس من الدين، فيجب كونه مردودًا، ولو كان مجزئًا ثبتت أحكامه لما كان مردودًا!

والجواب: أن الإنسان إنما يكون مُدخلاً للفعل في الدين إذا اعتقد أنه من الدين، ألا ترى أن الزاني وفاعل المباح لا يكون مُدخلاً للزنا والفعل المباح في الدين، فليس يخلو إما أن يعنوا أن الفاعل لما نُهي عنه مُدخل للفعل في الدين، أو مدخل لأحكامه في الدين، فإن أرادوا الأول (١) لم يثبت؛ لأن المصلي في الدار المغصوبة لا يعتقد أن ذلك في الدين. وإنما يقول: إنه يسقط به الفرض، وكذلك المطلق في حال الحيض لا يعتقد أن ذلك من الدين؛ إذ اعتقد أن ذلك بدعة.

وإن أرادوا الوجه الثاني (٢) لم يُسلّم الخصم أن ذلك من الدين" (٣).

ويستمر مع هذا الفريق في نقاش هذا الاستدلال، ثم ينتقل إلى استدراك أدلة الفريق الآخر القائلين بأن النهي لا يدل على فساد المنهي عنه، واخترتُ من ذلك استدراكه على قولهم: "إن لفظ (النهي) لغوي، و (فساد العبادة) شرعي، فلا يجوز أن يكون موضوعًا له.

والجواب: أنّا لا نقول: إنه موضوع للفساد فيلزم ما ذكروه، وإن علمنا عنده على التدريج المذكور، كما يقولون: إن الأمر وضع للندب على التدريج.


(١) وهو: أن الفاعل لما نُهي عنه مُدخل للفعل في الدين.
(٢) وهو: أن الفاعل لما نُهي عنه مُدخل لأحكامه في الدين.
(٣) المعتمد (١/ ١٧٤).

<<  <   >  >>