للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذهب المعتزلة (١) وجماعة من أصحاب أبي حنيفة (٢) فيما ذكره أبو عبدالله الجرجاني (٣) في أصوله إلى أن الأمر لا يتعلق بالمعدوم، وأن أوامر الشرع الواردة في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - تختص بالموجودين في وقته، فأما من بعدهم فإنه دخل في ذلك بدليل" (٤).

ثم ذكر إلزامًا مقدرًا من الخصم بأصول الحنابلة فقال: "فإن قيل: كيف تصح هذه المسألة على أصولكم وعندكم أن المعدوم ليس بشيء، وتدللون عليه بقوله: {وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْ‍ئًا} [مريم: ٩]، وقوله: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ} [الإنسان: ١]؟ !

قيل: يصح على أصلنا من الوجه الذي بيَّنا، وهو أنه أمر بشرط وجوده على صفة من يصح تكليفه، وعلى أصل المخالف فهو لازم؛ لأن عندهم المعدوم شيء (٥) " (٦).

• المثال الثالث:

ما ذكره الآمدي في مسألة (تعليل الحكم الواحد في صورة واحدة بعلتين


(١) يُنظر: المعتمد (١/ ١٤٠).
(٢) يُنظر: مذهب الحنفية في: تيسير التحرير (٢/ ١٣١)؛ فواتح الرحموت (١/ ١٤٦)؛ حاشية المطيعي (١/ ٣٠٤).
(٣) هو: أبو عبدالله، محمد بن يحيى بن مهدي الجرجاني، تفقه على أبي بكر الرازي، وتفقه عليه أبو الحسين القدوري، كان يدرس بمسجد " قطيعة الربيع " ببغداد. من مصنفاته: "ترجيح مذهب أبي حنيفة"، و"القول المنصور في زيارة القبور"، (ت: ٣٩٧ هـ) ودفن إلى جانب قبر أبي حنيفة.
تُنظر ترجمته في: الجواهر المضِيَّة (٣/ ٣٩٧)؛ الفوائد البهية (ص: ٢٠٢)؛ الأعلام (٨/ ٥).
(٤) يُنظر: العدة في أصول الفقه (٢/ ٣٨٦ - ٣٨٧).
(٥) يذهب المعتزلة إلى أن (الشيء) يعم الموجودات والمعدومات. يُنظر: المعتمد (١/ ١٩٢).
(٦) يُنظر: العدة في أصول الفقه (٢/ ٣٩١ - ٣٩٢).

<<  <   >  >>