للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والصواب: أن خلافهم إنما هو في المنهي عنه لغيره (١)، أما المنهي عنه لعينه فلا يختلفون في فساده، وبذلك صرح أبو زيد الدبوسي في تقويم الأدلة (٢)، وشمس الأئمة السرخسي في أصوله (٣)، وقرره ابن السمعاني (٤)، وهو الأثبت؛ لأنه كان أولاً حنفيًّا" (٥).

• المثال السابع:

قال الزركشي في تنبيهه الثالث بعد مسألة (مفهوم الصفة): "قال بعض مشايخنا: ما أطلقه الأصحاب عن أبي حنيفة من إنكار مفهوم الصفة ليس على إطلاقه، والصواب: أنه هنا أمران:

أحدهما: أن يَرِدَ دليل العموم، ثم يَرِدُ إخراج فرد منه بالوصف، فهو محل الخلاف؛ كقيام الدليل على وجوب زكاة الغنم مطلقًا، ثم ورد الدليل بتقييدها بالسائمة، فيقول أبو حنيفة: لا تقتضي نفي الحكم عما عداها؛ لقيام دليل العموم فيستصحبه، ولا يجعل للتقييد بالوصف أثرًا معه.

والثاني: أن يرد الوصف مبتدأ؛ كما يقول: أكرم بني تميم الطوال، فأبو حنيفة يُوافق على أن غير الطوال لا يجب إكرامهم، فليتفطن لذلك" (٦).


(١) المنهي عنه لغيره ضربان: الأول: ما نهي عنه لمعنى جاوره؛ كالصلاة في الدار المغصوبة. الثاني: ما نهي عنه لمعنى اتصل به وصفًا؛ كصوم يوم النحر؛ فإن النهي لمعنى اتصل بالوقت الذي هو محل الأداء وصفًا؛ وهو أنه يوم عيد. يُنظر: البحر المحيط (٢/ ٤٣٩).
(٢) يُنظر: تقويم الأدلة (ص: ٥٢ - ٦٠).
(٣) يُنظر: أصول السرخسي (١/ ٨٠ - ٩٣).
(٤) يُنظر: قواطع الأدلة (١/ ٢٥٥ - ٢٨٠).
(٥) البحر المحيط (٢/ ٤٤٣).
(٦) البحر المحيط (٤/ ٣٥).

<<  <   >  >>