فهذه المبادئ العشرة بحسب ترتيبها المنطقي: الاسم، الحد، الموضوع، حكم الشارع، الاستمداد، النسبة، الفضل، الثمرة، الواضع، المسائل.
ووجه هذا الترتيب: أنك إذا أرادت أن تدرس أي علم فأول ما تبدأ به هو معرفة اسمه، فإذا عرفت اسمه فإنك بحاجة إلى تصور ماهية هذا العلم وحقيقته، فتحتاج إلى معرفة حده، ثم بعد ذلك تحتاج إلى أن تعرف ما الذي يتم بحثه في هذا العلم إجمالاً، وهذا هو موضوع العلم، فإذا تحقق ذلك ناسب أن تعرف حكم الشارع؛ وذلك لأن الحكم على الشيء فرعٌ عن تصورهِ، فلا تنشغل بعلم مندوب قبل الواجب، أو فرض كفاية قبل فرض عين عليه، وبعد ذلك ينبغي أن تعرف إن كان هذا العلم يستمد بعض مسائله من علوم أخرى، وما هي هذه العلوم، وهذا ما يعرف باستمداد العلم، ويتعلق به الكلام على ما إذا كانت هنالك علوم أخرى تُستمد من هذا العلم، وهو ما يعرف بإمداد العلم، يلي ذلك معرفة موقع هذا العلم من العلوم الأخرى، ونسبته إلى الشرع أو غيره، وهذا ما يعرف بنسبة العلم، ثم بعد ذلك تحتاج إلى أن تعرف فضل هذا العلم وشرفه من بين سائر العلوم؛ فإن العلوم المنسوبة للشرع تتفاضل وإن كانت كلها فاضلة، ثم بعد ذلك تعرف ثمرة هذا العلم وفائدته؛ كي تتشوف نفسك إلى تعلمه، وتتشجع على دراسته، وتعقبها معرفة مَنْ أخرج هذا العلم من الصدور إلى السطور؛ بأن تعرف أول من ألف فيه، وهو ما يعرف بالكلام على الواضع.
وأخيرًا وبعد أن تُتْقنَ المبادئ التسعة بقي عليك العاشر وهو أطولها: أن تدرس مسائله تفصيلاً، وهو الكلام على مسائل الفن (١).
(١) ومما يجدر التنويه إليه: أن بعض طلبة العلم يعكس في أخذه بهذه المبادئ؛ فيبدأ بدراسة المسائل قبل أن يأخذ =