للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المختلفين حكمًا: قيد ثالث، فالتميز للقاعدتين أو المصطلحين المتشابهين في الصورة أو المعنى المختلفين حكمًا، وذلك ببيان ما تجتمع وتختلف فيه، ويخرج بهذا القيد المتشابه حكمًا؛ لأنه لا يتصور التمييز بين المتشابهين صورة وحكمًا؛ إذ لا وجه للتمييز بينهما.

ويتضح استدراك الفرق من الأمثلة التالية:

• المثال الأول:

ذكر الباجي في مسألة (إذا علق الأمر بشرط أو صفة) دليل القائلين بأنه يقتضي التكرار بقوله: "أما هم فاحتج من نصر قولهم بأن الحكم إذا وجب تكراره لِتَكرر علته وجب تكراره لتكرر شرطه؛ لأن الشرط كالعلة".

فاستدرك عليهم هذا الاستدلال ببيان الفرق بين الشرط والعلة فقال: "والجواب: أن العلة دلالة تقتضي الحكم فيتكرر بتكررها، والشرط ليس بدلالة على الحكم؛ ألا ترى أنه لا يقتضيه؛ وإنما هو مصحح له؛ فبان الفرق بينهما" (١).

• المثال الثاني:

ذكر السمعاني في مسألة (الأمر المطلق هل يفيد التكرار أو المرة؟ ) دليل القائلين بأنه يفيد التكرار: "لأنَّ الأمر ضد النهي، وهو في طلب الفعل مثل النهي في طلب الكف عن الفعل. ثم النهي يفيد التكرار وكذلك الأمر؛ حتى لو ترك الفعل مرة ثم فعله يكون مرتكبًا للنهي، كذلك هاهنا إذا فعل المأمور به مرَّةً ثم لم يفعله يكون تاركًا للأمر" (٢).

فاستدرك عليهم ببيان الفرق بين الأمر والنهي بقوله: "وأما تعلقهم بالنهي واعتبارهم الأمر بذلك فغير صحيح؛ فإنه يمكن أن يقال: أولاً: لا نسلم أن النهي


(١) إحكام الفصول (١/ ٢١١).
(٢) القواطع (١/ ١١٥ - ١١٦).

<<  <   >  >>