للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقال على المبهم بين شيئين أو أشياء؛ كأحد الرجلين، والفرق بينهما:

أن الأول لم يُقصد فيه إلا الحقيقة التي هي مسمى الرجولية.

والثاني قُصد فيه أخص من ذلك؛ وهو أحد الشخصين بعينه وإن لم يُعيَّن؛ ولذلك سُمِّي مُبهمًا؛ لأنه أبهم علينا أمره.

والأول لم يقل به أحدٌ بأن الوجوب المتعلق بخصوصياته كالأمر بالإعتاق؛ فإن مُسَمَّى (الإعتاق) ومسمى (الرقبة) متواطئ كالرجل، فلا تعلق للأمر بالخصوصيات لا على التعيين ولا التخيير، ولا يقال فيه: واجب مخير، ولا يأتي فيه الخلاف، وأكثر أوامر الشريعة من ذلك.

والثاني متعلق بالخصوصيات؛ فلذلك وقع الخلاف فيه، وأجمعت الأمة على إطلاق الواجب المخيَّر عليه. ولا منافاة بين ما قلناه وما حكيناه عن بعض المتأخرين مِنْ تعلق الوجوب بالقدر المشترك؛ لكن فيما قلناه زيادة، وهي تبين أن ذلك القدر المشترك أخصُّ منظور فيه إلى الخصوصيات" (١).

• بيان الاستدراك:

استدرك السبكي على إطلاق المحرر القائل في معنى الإبهام: إنه (متعلق الوجوب هو القدر المشترك بين الخصال)، فحرر معنى الإبهام وقيد مطلق عبارة المحرر الأول، فبين أن القدر المشترك يطلق على قسمين:

الأول: المتواطئ الذي يستوي أفراده في معناه؛ كما لو أمر الشارع بإعتاق رقبة، فالأمر هنا متعلق بالماهية المشتركة - وهي: إعتاق رقبة- دون النظر لأفراده كزيد وخالد ... ؛ وذلك لأنه ليس لأي فرد من أفراده خصوصية ما؛ بل الكل متساوٍ في الماهية المشتركة- وهي: إعتاق الرقبة-، والماهية لا تعدد فيها من حيث هي.


(١) الإبهاج (٢/ ٢٣٠ - ٢٣٣).

<<  <   >  >>