للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهل يخصص عمومه بمذهبه أو لا؟ .

فعندنا: لا؛ ولهذا تقتل المرتدة (١). وعندهم: نعم؛ ولهذا لا يقتلونها (٢).

وقد أورد الإمام (٣) - رحمه الله - لهذا مثالاً: خبر أبي هريرة؛ فإنه روى عنه - عليه السلام - أنه قال: «إذا ولَغَ الْكلْبُ في إناءِ أحَدِكُمْ فلْيَغْسِلْهُ سبْعَ مرَّاتٍ إحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» (٤).

ثم إن مذهبه الاكتفاء بالثلاث (٥)، فهل يجوز تخصيصه به؛ حتى يجوز الاقتصار


(١) يُنظر: الأم (٦/ ١٨٠)؛ الإقناع للشربيني (٢/ ٥٥١)؛ المجموع (١٨/ ١٠).
(٢) أي عند الحنفية، حيث ذهبوا إلى أن المرتدة لا تقتل؛ وإنما تحبس، وتطالب بالرجوع إلى الإسلام، وتجبر عليه، وإن لحقت بدار الحرب سبيت واسترقت. يُنظر: المبسوط (١٠/ ١٠٨)؛ البحر الرائق (٥/ ١٣٩)؛ الفتاوى الهندية (٢/ ٢٥٤).
وقول الحنفية هذا مبني على قولهم في الأصول: إذا عمل الراوي بخلاف ما روى؛ إن كان بعد الرواية فهذا جرح في الرواية ويبطل الاحتجاج بها، وإن كان قبل الرواية لا يجرح فيها، وكذلك إذا لم يعلم التاريخ، وأما إن عمل ببعض محتملاته؛ فإنه رد منه للباقي بطريق التأويل لا يجرح في الرواية، ولا يكون حجة على غيره؛ كما لا يكون اجتهاده حجة على غيره. يُنظر المسألة في: كشف الأسرار للبخاري (٣/ ١٣٢ - ١٣٧)؛ التوضيح بشرح التنقيح للمحبوبي (١/ ٣٣ - ٣٧)؛ تيسير التحرير (٣/ ٧٢)؛ فواتح الرحموت (١/ ٣٥٥).
(٣) أي الرازي في المحصول (٣/ ١٢٧).
(٤) يُنظر: صحيح البخاري، ك: الوضوء، ب: باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان، (١/ ٧٥/ح: ١٧٠) مسلم، ك: الطهارة، ب: حكم ولوغ الكلب، (١/ ٢٣٤/ح: ٢٧٩).
(٥) أي مذهب أبي هريرة - رضي الله عنه -، والأثر المروي عنه من طريقين: الأول: عن عبدالوهاب بن الضحاك عن إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكلب يلغ الإناء «أنه يغسله ثلاثًا، أو خمسًا، أو سبعًا»، وأخرجه من هذا الطريق الدارقطني وقال: "تفرد به عبدالوهاب عن إسماعيل وهو متروك الحديث، وغيره يرويه عن إسماعيل بهذا الإسناد (فاغسلوه سبعًا) وهو الصواب". يُنظر: سنن الدارقطني، ك: الطهارة، ب: ولوغ الكلب في الإناء، (١/ ٦٥).
والطريق الثاني: عن عبدالملك بن أبي سليمان عن عطاء عن أبي هريرة قال: "إذا ولغ الكلب في الإناء فأهرقه، ثم اغسله ثلاث مرات". يُنظر: سنن الدارقطني، ك: الطهارة، ب: ولوغ الكلب في الإناء، (١/ ٦٦). قال ابن الجوزي: "هذا الحديث لا يصح ... وأصل هذا الحديث أنه موقوف". يُنظر: العلل المتناهية (١/ ٣٣٣)؛ ويُنظر: نصب الراية (١/ ١٣١ - ١٣٢).

<<  <   >  >>