فلو اقتصر زهير في بيته على صدر البيت لدل على أن ماله موفور ولأوهم البخل وهي صفة ذم؛ ولكنه استدرك ما يزيل هذا الاحتمال ويخلص الكلام للمدح بالشطر الثاني. يُنظر: عقود الجمان (ص: ١٣٢)؛ معجم المصطلحات البلاغية (١/ ١٢٥). ودليل وقوع الاستدراك كمحسن بلاغي في القرآن قول السيوطي - رحمه الله -: "الاستدراك والاستثناء شرط كونهما من البديع: أن يتضمَّنا ضربًا من المحاسن زائدًا على ما يدلُّ عليه المعنى اللُّغوي؛ مثال الاستدراك: {* قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: ١٤]؛ فإنه لو اقتصر على قوله: {لَّمْ تُؤْمِنُوا} لكان منفرًا لهم؛ لأنهم ظنوا الإقرار بالشهادتين من غير اعتقاد إيمانًا، فأوجبت البلاغة ذكر الاستدراك لِيُعلمَ أن الإيمان موافقة القلب واللسان، وأن انفراد اللسان بذلك يُسمَّى إسلاماً؛ ولا يُسمَّى إيمانًا، وزاد ذلك إيضاحًا بقوله: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ}، فلما تضمن الاستدراك إيضاح ما عليه ظاهر الكلام من الإشكال عُدَّ من المحاسن". الإتقان في علوم القرآن (٥/ ١٧٤٦).