للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مثل: (هذه السبورة إما سوداء أو خضراء)، فلا يجوز اجتماع اللون الأسود والأخضر، ويجوز خلوهما بأن تكون السبورة صفراء مثلاً.

٢ - مانعة خلو: وهي القضية التي تمنع الخلو عن مقدمها وتاليها، ولا تمنع اجتماعهما. مثل: (مثل الجليس الصالح كحامل المسك: إما أن يُحذِيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيباً) (١).

فحامل المسك الذي تجالسه قد يمنحك من مسكه، وتبتاع منه، وتجد منه ريحًا طيبة، كل هذه الثلاثة قد تجتمع، ولا يخلو عن واحد من هذه الثلاثة.

٣ - ومانعة جمع وخلو: وهي القضية التي تمنع اجتماع جزأيها المقدم والتالي، وتمنع الخلو عنهما. مثل: (هذا الشيء إما متحرك أو ساكن)، فيمتنع اجتماع الحركة والسكون في الشيء الواحد، ويمتنع خلوه عنهما.

وبالجملة كل نقيضين ينتج من إثبات أحدهما نفي الآخر، ونفيه إثبات الآخر، ولا يشترط انحصار القضية في قسمين؛ لكن من شرطها استيفاء أقسامه. (٢)

فإن لم يستوفِ الأقسام فسبره ليس بصحيح؛ ولذلك استدرك الرازي على سبر إمام الحرمين في استدلاله بحجية الإجماع فقال: "المسلك الخامس: دليل العقل، وهو الذي عوَّل عليه إمام الحرمين - رحمه الله - فقال: (إجماع الخلق العظيم على الحكم الواحد


(١) مقتبسًا من الحديث «إنما مثَلُ الْجَليسِ الصَّالحِ وَالْجَليسِ السَّوءِ كحاملِ الْمسْكِ وَنافخِ الكيرِ؛ فحاملُ الْمسْكِ إمَّا أن يُحذيّك، وأما أن تبتاع منه، وإما أن تَجدَ منه ريحًا طيبةً. وَنافخُ الكير إما أن يُحرقَ ثيابك، أو تَجدَ ريحًا خَبيثَةً». والحديث في الصحيحين، واللفظ لمسلم. يُنظر: صحيح البخاري، ك: البيوع، ب: في العطار وبيع المسك، (٢/ ٧٤١/ح: ١٩٩٥)، ك: الذبائح والصيد، ب: المسك، (٥/ ٢١٠٤/ح: ٥٢١٤)؛ صحيح مسلم، ك: البر والصلة والآداب، ب: استحباب مُجالَسَةِ الصالحين ومُجَانَبَةِ قُرنَاءِ السّوءِ، (٤/ ٢٠٢٦/ح: ٢٦٢٨).
(٢) يُنظر: شرح الأخضري على السلم المنورق (ص: ٣٦)؛ المستصفى (١/ ١٣٠ - ١٣٣)؛ محك النظر (ص: ٢٢٦ - ٢٢٩)؛ معيار العلم (ص: ١٠٠)؛ شرح التفتازاني على شمسية المنطق (ص: ٢٥٣)؛ ضوابط المعرفة (ص: ٩٧ - ١٠٠).

<<  <   >  >>