وإن كان الثاني فلا بد لها من معرِّفٍ آخر؛ لخفائها، والتقسيم في ذلك المعرف عائد بعينه" (١).
• بيان الاستدراك:
استدرك الخصم على جعل السبب قسمًا من أقسام الحكم الشرعي، واستخدم في استدراكه القياس الاستثنائي المنفصل، فقال: لو كانت السببية حكمًا شرعيًّا؛ لاحتاجت في معرفتها إلى سبب آخر يعرفها؛ كسائر الأحكام الشرعية التي تحتاج في معرفتها إلى سبب يعرفها، ويلزم من افتقار السببية إلى السبب الآخر المعرف بها إما الدور أو التسلسل.
فالدور: نتيجة افتقار كل واحد من السببين إلى الآخر.
والتسلسل في الأسباب: يلزم أمور غير متناهية، وهذا بديهي الاستحالة.
فثبت فساد الاحتمالين، ومنه فساد قولكم بأن السبب من الحكم الشرعي.
وقول الخصم:(يلزم من ذلك إما الدور إن افتقر كل واحد من السببين إلى الآخر، وإما التسلسل وهو محال) قياس استثائي منفصل.
ثم استدرك الخصم باستدراك آخر؛ وهو أن الوصف المعرف للحكم إما أن يعرفه بنفسه، أو بصفة زائدة.
فإن كان الوصف معرفًا للحكم بنفسه؛ لزم أن يكون هذا الوصف معرفًا للحكم قبل ورود الشرع، وهو محال.
وإن كان الوصف معرفًا للحكم بصفة زائدة على الحكم؛ فإنه يلزم التسلسل، والتسلسل محال.