من قال بتعليل الأحكام اتفق على تعليل الحكم بالوصف الظاهر المنضبط المشتمل على الحكمة؛ وذلك مثل: تعليل قصر الصلاة للمسافر وإباحة الفطر بالسفر، أو تعليل إيجاب حد الزنا بالزنا. واختلفوا في تعليل الحكم بالحكمة نفسها، كتعليل قصر الصلاة وإباحة الفطر بدفع المشقة، أو تعليل إيجاب حد الزنا بمنع اختلاط الأنساب، على ثلاثة أقوال: القول الأول: يجوز تعليل الحكم بالحكمة مطلقًا - سواء كانت ظاهرة أو خفية، منضبطة أو غير منضبطة-؛ لأنها المقصود في التعليل. وذهب إلى ذلك بعض الأصوليين؛ منهم: الغزالي، والرازي، وبعض الحنابلة. يُنظر: شفاء الغليل (ص: ٦١٤)؛ المحصول (٥/ ٢٨٧)؛ التحبير (٧/ ٣١٩٥). القول الثاني: المنع من التعليل بها مطلقًا؛ لخفائها وعدم انضباطها، وهو مذهب جمهور الأصوليين. ذكره الآمدي (٣/ ٢٥٤). القول الثالث: التفصيل، فيجوز التعليل بالحكمة إذا كانت ظاهرة منضبطة بنفسها، ولا يجوز التعليل بها إذا كانت خفية مضطربة، وهو مذهب الحنفية والمالكية وبعض الحنابلة، واختيار الآمدي وابن الحاجب والصفي الهندي. يُنظر: الإحكام (٣/ ٢٥٤)؛ مختصر ابن الحاجب (٢/ ١٠٤٠)؛ نهاية الوصول (٨/ ٣٤٩٥)؛ التحبير (٧/ ٣١٩٥)؛ فواتح الرحموت (٢/ ٣٣٣).