للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاستدراك هو رفعُ ما يتوَهَّم السّامع ثبوته أو نفيه؛ فإنّما نظر إلى بعض أحوال الاستدراك، أو إلى بعض أغراض وقوعه في الكلام البليغ؛ وليس مرادُهم أنّ حقيقة الاستدراك لا تقوم إلا بذلك" (١).

• أمثلة لورود استدراكات في القرآن الكريم بأداة (لكن):

• الآية الأولى:

قال تعالى: (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [آل عمران: ٦٧].

• بيان الاستدراك:

" أعلم تعالى براءة إبراهيم من هذه الأديان، وبدأ بانتفاء اليهودية؛ لأن شريعة اليهود أقدم من شريعة النصارى، وكرر بـ (لا) لتأكيد النفي عن كل واحد من الدينين، ثم استدرك ما كان عليه بقوله: (وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا)، ووقعت (لكن) هنا أحسن موقعها؛ إذ هي واقعة بين النقيضين بالنسبة إلى اعتقاد الحق والباطل.

ولما كان الكلام مع اليهود والنصارى؛ كان الاستدراك بعد ذكر الانتفاء عن شريعتهما، ثم نفى على سبيل التكميل للتبرير من سائر الأديان كونه من المشركين -وهم: عبدة الأصنام كالعرب الذين كانوا يدعون أنهم على دين إبراهيم، وكالمجوس عبدة النار، وكالصابئة عبدة الكواكب-، ولم ينص على تفصيلهم؛ لأن الإشراك يجمعهم" (٢).

• الآية الثانية:

قال تعالى في شأن نوح - عليه السلام -: (قَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (٦٠) قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (٦١)) [الأعراف: ٦٠ - ٦١].


(١) يُنظر: التحرير والتنوير (٨/ ١٩٣).
(٢) تفسير البحر المحيط (٢/ ٥١١).

<<  <   >  >>