للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالاستدراك رفع لما توهموه من كون المماثلة في البشرية مقتضى الاستواء في كل خصلة" (١).

• الآية الخامسة:

قال تعالى حكاية عن محاورة المؤمن والكافر: (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (٣٧) لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا) [الكهف: ٣٧ - ٣٨].

ضرب الله مثل حال الكافرين والمؤمنين كحال رجلين (٢)؛ أحدهما: كافرٌ, والآخر: مؤمنٌ.

وذكر تعجب واستنكار المؤمن للكافر بقوله: (أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (٣٧) لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا).

وأصل (لَّكِنَّا) (لكن أنا)، فحذفت الهمزة وألقيت حركتها على نون (لكن)، فاجتمعت النونان، فأدغمت نون (لكن) في النون التي بعدها.

فقوله: (لَّكِنَّا) استدراك لقوله: (أَكَفَرْتَ)، كأنه قال لأخيه: أكفرت بالله! لكني مؤمن موحد؛ كما تقول: زيد غائب لكن عمرو حاضر (٣).

فموقع الاستدراك مضادةُ ما بعد (لكن) لما قبلها؛ ولا سيما إذا كان الرجلان أخوين أو خليلين كما قيل؛ فإنه قد يتوهم أن اعتقادهما سواء (٤).


(١) التحرير والتنوير (١٣/ ٢٠١).
(٢) وقيل: كانا أخوين في بني إسرائيل. يُنظر: اللباب في علوم الكتاب (١٢/ ٤٨٣).
(٣) يُنظر: التفسير الكبير (٢١/ ١٠٨)؛ تفسير البيضاوي (٣/ ٤٩٨).
(٤) يُنظر: التحرير والتنوير (١٥/ ٣٢٣).

<<  <   >  >>