للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والفرق بينهم وبين غيرهم من المجتهدين: أنهم معصومون عن الخطأ وعن الغلط وعن التقصير في اجتهادهم، وغيرهم ليس كذلك، كما ذهب الجمهور في أن جميع الأنبياء -صلوات الله عليهم- معصومون عن الخطأ والغلط في اجتهادهم. وذهب أبو علي بن أبي هريرة من أصحاب الشافعي إلى أن نبينا - صلى الله عليه وسلم - مخصوص منهم في جواز الخطأ عليهم، وفرق بينه وبين غيره من الأنبياء: أنه لم يكن بعده من يستدرك غلطه؛ ولذلك عصمه الله تعالى منه، وقد بُعث بعد غيره من الأنبياء من يستدرك غلطه. وقد قيل: إنه على العموم في جميع الأنبياء، وإن نبينا وغيره من الأنبياء ... -صلوات الله عليهم- في تجويز الخطأ على سواء؛ إلا أنهم لا يقرون على إمضائه، فلم يعتبر فيه استدراك من بعدهم من الأنبياء". (١)

• الآية الثالثة:

قال تعالى على لسان الهدهد عن ملكة سبأ: (إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ)، ثم قوله: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) [النمل: ٢٣، ٢٦].

• بيان الاستدراك:

قال ابن عادل الحنبلي (٢):

"واعلم أن قوله: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٢٦)) إن قلنا: إنه من كلام الهدهد؛ فالهدهد قد استدرك على نفسه, واستقلّ عرشها بالنسبة إلى عظمة عرش الله. وإن قلنا: إنه من كلام الله تعالى؛ فالله رد عليه


(١) يُنظر: الجامع لأحكام القرآن (١١/ ٣٠٩).
(٢) هو: أبو حفص، عمر بن علي بن عادل الدمشقي الحنبلي النعماني، سراج الدين، من تصانيفه: "اللباب في علوم الكتاب " في تفسير القرآن، له " حاشية على المحرر"، لم تذكر سنة وفاته بالتحديد، فقيل: كان حيًا سنة (٨٨٠ هـ).

تُنظر ترجمته في: هدية العارفين (٥/ ٧٩٤)؛ معجم المؤلفين (٢/ ٥٦٨)؛ الأعلام (٥/ ٥٨).

<<  <   >  >>