للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• الحديث الثالث:

عن أبي شُريْحٍ (١) أنَّهُ قال لِعمْرِو بن سعِيدٍ (٢) -وهو يبْعَثُ الْبعُوثَ إلى مكَّةَ (٣) -: ائذَنْ لي أَيّهَا الْأَميرُ أحَدِّثْكَ قَولًا قام بهِ النبي - صلى الله عليه وسلم - الغَدَ من يَومِ الفَتْحِ، سمعته أذُنَايَ، ووَعَاهُ قَلْبي، وَأَبصَرَتْهُ عَينَايَ حين تكَلَّمَ بهِ: حَمدَ اللهَ، وَأَثنَى عليه، ثمَّ قال: «إنَّ مكَّةَ حرَّمَهَا الله ولم يحَرِّمْهَا الناس، فلا يَحلُّ لامْرِئٍ يؤْمِنُ باللهِ وَاليَوْمِ الْآخرِ أنْ يَسْفكَ فيها دمًا، ولا يَعْضدَ بها شجَرَةً، فَإنْ أحَدٌ ترَخَّصَ لقِتَالِ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فيها فَقولُوا: إنَّ اللهَ قد أَذنَ لِرَسولِهِ ولم يَأذَنْ لَكمْ. وَإنَّمَا أَذنَ لي فيها ساعَةً من نهَارٍ، ثمَّ عادَتْ حرْمَتُهَا اليَوْمَ كَحرْمَتِهَا بالْأَمْسِ، وَلْيبَلِّغْ الشَّاهدُ الْغَائبَ». فقيل لأَبِي شرَيْحٍ: ما قال عَمرٌو؟ قال: أنا أَعلَمُ منْكَ يا أبَا شرَيْحٍ، لا يعِيذُ عَاصيًا (٤)، ولا فارًّا بدَمٍ، ولا فارًّا بخَرْبَةٍ (٥) ". (٦)


(١) هو: خويلد بن عمرو، وقيل: عمرو بن خويلد، وقيل: عبدالرحمن بن عمرو، وقيل: هانئ بن عمرو، بن صخر بن عبدالعزى، الكعبي الخزاعي العدوي، أسلم قبل فتح مكة، وكان يحمل أحد ألوية بني كعب بن خزاعة، (ت: ٦٨ هـ) بالمدينة.
تُنظر ترجمته في: الطبقات الكبرى (٤/ ٢٩٥)؛ الاستيعاب (٤/ ١٦٨٨).
(٢) هو: أبو أمية، عمرو بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد مناف، المدني القرشي الأموي، المعروف بـ (الأشدق)، تابعي، ووَهِمَ من زعم أن له صحبة؛ وإنما لأبيه رؤية، ولي إمارة المدينة لمعاوية ولابنه، استخلفه عبدالملك بن مروان على دمشق لما سار ليملك العراق، فتوثب عمرو على دمشق وبابعوه، فلما توطدت العراق لعبدالملك، وقتل مصعب؛ رجع وحاصر عمرًا بدمشق، وأعطاه أمانًا مؤكدًا، فاغتر به عمرو، ثم بعد أيام غدربه وقتله سنة (٧٠ هـ).

تُنظر ترجمته في: تهذيب الكمال (٢٢/ ٣٥)؛ سير أعلام النبلاء (٣/ ٤٤٩)؛ فوات الوفيات (٢/ ١٩٧).
(٣) لقتال عبدالله بن الزبير - رضي الله عنه -. يُنظر: شرح ابن بطال على صحيح البخاري (١/ ١٧٩)؛ شرح النووي على صحيح مسلم (٩/ ١٢٧).
(٤) قوله: (لا يعيذ عاصيا) أي لا يعصمه. يُنظر: شرح النووي (٩/ ١٢٨).
(٥) قوله: (ولا فارًّا بخربة) هي بفتح الخاء وإسكان الراء هذا هو المشهور، ويقال بضم الخاء أيضًا، وأصلها سرقة الإبل، وتطلق على كل خيانة. يُنظر: شرح ابن بطال (١/ ١٨٢)؛ شرح النووي (٩/ ١٢٨).
(٦) يُنظر: صحيح البخاري، ك: الحج، ب: لا يُعضد شجر الحرم ... ، (٢/ ٦٥١/ح: ١٧٣٥) ك: المغازي، ب: منزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح، (٤/ ١٥٦٣/ح: ٤٠٤٤)؛ صحيح مسلم، ك: تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولُقطَتها إلا لمُنشِدٍ على الدّوَامِ، (٢/ ٩٨٧/ح: ١٣٥٤).

<<  <   >  >>