للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نَجْرَانَ: أَلَسْتُمْ تَقْرَؤُونَ هَذِهِ الآيَةَ: {يَاأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} [مريم: ٢٨]، وَقَدْ عَرَفْتُمْ مَا بَيْنَ مُوسَى وَعِيسَى؟ فَلَمْ أَدْرِ مَا أَرُدُّ عَلَيْهِمْ؛ حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لِي: أَفَلا أَخْبَرْتَهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ بِالأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ" (١).

• بيان الاستدراك:

استدرك - صلى الله عليه وسلم - على اليهود والنصارى الذين كانوا يعارضونه بما لا يصلح للمعارضة، ويقدحون في القرآن بأدنى شبهة، ويخاطبون بذلك من أسلم، فقالوا للمغيرة بن شعبة: أنتم تقرؤون في كتابكم {يَاأُخْتَ هَارُونَ} [مريم: ٢٨]، وموسى بن عمران كان قبل عيسى بسنين كثيرة، فظنوا أن هارون المذكور هو هارون أخو موسى، وهذا من فرط جهلهم، والمغيرة - رضي الله عنه - لما اتفق عنده أن مريم هذه بنت عمران، وذانك موسى وهارون ابنا عمران، فكان لفظ عمران فيه اشتراك، والاشتراك غالب على أسماء الأعلام؛ نشأت الشبهة (٢)، فقال: "فَلَمْ أَدْرِ مَا أَرُدُّ عَلَيْهِمْ"، فلما ذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - كشف له ما التبس عليه، وأجاب عن استدراك الخصم من النصارى، فذكر أن من نُسِبَت إليه مريم - عليها السلام - ليس بالنبي هارون أخي موسى - عليهما السلام -؛ بل هو رجل في بني إسرائيل سموه باسم هارون النبي؛ لأنهم كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم


(١) يُنظر: صحيح مسلم، ك: الآداب، ب: النهي عن التكني بأبي القاسم وبيان ما يُستحب من الأسماء، (٣/ ١٦٨٥/ح: ٢١٣٥).
واللفظ المذكور في صحيح ابن حبان، ك: التاريخ، ذكر البيان بأن بني إسرائيل كانت تسوسهم الأنبياء، (١٤/ ١٤٣/ح: ٦٢٥٠).
(٢) يُنظر: درء تعارض العقل والنقل (٧/ ٦٨ - ٦٩).

<<  <   >  >>