للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا كالاستدراكات في المسائل ذات الخلاف اللفظي، وأذكر لتقرير هذا قول السمعاني (١) في آخر مسألة (الأمر الوارد على التخيير بين شيئين أو أشياء) بعد أن ذكر أدلة كل فريق والاستدراكات الواردة على أدلتهم قال: "واعلم أنه لا يتحصل خلاف معنى في هذه المسألة؛ وإنما الخلاف خلاف عبارة ... " (٢).

وقوله في الاستحسان: "واعلم أن مرجع الخلاف معهم (٣) في هذه المسألة إلى نفس التسمية؛ فإن الاستحسان على الوجه الذي ظنه بعض أصحابنا من مذهبهم لا يقولون به، ولا الذي يقولونه لتفسير مذهبهم: إنه العدول في الحكم من دليل إلى دليل هو أقوى منه، فهذا لا ننكره ... وعلى الجملة: لا معنى لهذه التسمية، وهي تسمية لا يمكن حدّها بحدّ صحيح تختص به، وأما تفسيرهم الذي يفسرونه نحن قائلون بذلك؛ وليس مما يتحصل فيه خلاف" (٤).

والتعبير بـ"في نفسه" جار ومجرور متعلق بالفعل "يخالف" والهاء ضمير يعود على الشيء. والمراد بـ"في نفسه": أي في نفس موضوع ومتعلق المستدرك فيه.

واحترزتُ بهذا القيد من أمرين:


(١) هو: منصور بن محمد بن عبدالجبار، أبو المظفر السمعاني، كان عالمًا زاهدًا ورعًا، إمام عصره، صنف التصانيف الكثيرة منها؛ "منهاج أهل السنة"، و"البرهان في الخلاف"، (ت: ٤٨٩ هـ).
تُنظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء (١٩/ ١١٤)؛ طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (٥/ ٣٣٥)؛ طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (٢/ ٢٧٣).
(٢) قواطع الأدلة (١/ ١٧٨). وممن قرر أن الخلاف في هذه المسألة خلاف عبارة: أبو الحسن البصري في المعتمد (١/ ٨٧)؛ الشيرازي في اللمع (ص: ٥٤)؛ الجويني في البرهان (١/ ٢٦٨). ويُنصح في هذا الباب الاطلاع على كتاب الخلاف اللفظي عند الأصوليين للدكتور عبدالكريم النملة.
(٣) أي مع الحنفية.
(٤) قواطع الأدلة (٤/ ٥٢٠ - ٥٢٢).

<<  <   >  >>