للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك التعبير بـ"ما" يشمل الاستدراك الواقع من الخصم، والمقدر من المستدِل، فالاستدراك الواقع من الخصم يكون بتعقيب يرفعه، وأما الاستدراك المقدر من المستدِل فيكون بتعقيب يدفعه.

والتعبير بـ"يخالفه" الهاء في الفعل "يخالف" ضمير يعود على "الشيء"، فلا يتصور الاستدراك بلا مخالفة بين المستدرك فيه والمستدرك به.

والتعبير بالفعل "يخالف" يدل على الإطلاق؛ لأن الأفعال نكرات (١)، فيصدق على مطلق المخالفة، وبالتالي يتناول جميع أسباب الاستدراك؛ وذلك لأن المخالفة قد تكون كلية؛ كتصحيح خطأ، أو دفع توهم في الفهم، أو نقد خصم، أو تخطئته، فالمستدرك به هنا مخالف بالكلية للمستدرك عليه. ومثالها في الأفعال الفقهية: الفدية والكفارة فهي استدراك مخالف لذات العمل.

وقد تكون المخالفة جزئية؛ كإكمال النقص، وما كان على صيغة "أفعل"؛ كبيان الأصوب والأولى، فالمستدرك به هنا موافق للمستدرك عليه في جزء - وهو المذكور-، مخالف له في جزء آخر - وهو ما ذكره بالتكميل وبصيغة أفعل-. ومثالها في الأفعال الفقهية: سجود السهو، استدراك لنقص واجب؛ كترك التشهد الأول، فسجود السهو إكمال نقص، وهو مخالف جزئي للتشهد الأول؛ لأنه ليس كهيئته؛ إلا أنه موافق له من حيث أنه من جنس الصلاة.

كما ينبه أيضًا بأن المخالفة قد تكون صورية (استدراك صوري (٢)


(١) قال الزجاجي: " ... إجماع النحويين كلهم من البصريين والكوفيين على أن الأفعال نكرات، ولم يكونوا ليجتمعوا على الخطأ، ولايُعِيَّنَه واحد منهم على ذلك مع كثرة علماء الفريقين وفحصهم عن دقائق النحو وغوامض المسائل". الإيضاح في علل النحو (ص: ١١٩). وقال أبو الحسن الوراق: "الأفعال مع فاعلها جُمَلٌ، والجمل نكرات". علل النحو (ص: ٣٦٤).
(٢) استفدت عبارة " الاستدراك الصوري " من تصريح بعض علماء الشافعية لها في كتب الفقه ومن ذلك مثلاً قول النووي: "قوله: (لكن ينبغي إلخ) أي يجب، وهو استدراك صوري من كونها تصح منهم " يُنظر: روضة الطالبين (٢/ ٥٥). ويُنظر أيضًا هذه العبارة في: إعانة الطالبين (١/ ٦٢) (٢/ ١٥٤)؛ حاشية البجيرمي (٢/ ٢٤١) (٣/ ٨١)؛ حاشية الشرواني (٦/ ٣٥٧)؛ (٧/ ٢٥٣).

<<  <   >  >>