للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولزوم العلم به، فلو لم يكن خبر الواحد مفيدًا للعلم؛ لكان الإجماع منعقدًا على مخالفة النص، وهو ممتنع.

وأيضًا فإن الله تعالى قد ذم على اتباع الظن بقوله تعالى: {إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} [الأنعام: ١١٦]، وقوله تعالى: {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْ‍ئًا} [يونس: ٣٦]، فلو لم يكن خبر الواحد مفيدًا للعلم بل للظن؛ لكنا مذمومين على اتباعه، وهو خلاف الإجماع .... " (١).

• المثال الثاني:

قال الآمدي في مسألة (حكم التعبد بخبر الواحد عقلاً): "مذهب الأكثرين: جواز التعبد بخبر الواحد العدل عقلاً، خلافا للجبائي وجماعة من المتكلمين.

ودليل جوازه عقلاً: أنا لو فرضنا ورود الشارع بالتعبد بالعمل بخبر الواحد إذا غلب على الظن صدقه؛ لم يلزم عنه لذاته محال في العقل، ولا معنى للجائز العقلي سوى ذلك، وغاية ما يقدر في اتباعه احتمال كونه كاذبًا أو مخطئًا، وذلك لا يمنع من التعبد به؛ بدليل اتفاقنا على التعبد بالعمل بقول المفتي والعمل بقول الشاهدين مع احتمال الكذب والخطأ على المفتي والشاهد فيما أخبرا به ... ".

ثم ذكر استدراكًا من الخصم مستخدمًا قادح فساد الاعتبار فقال: "ثم وإن سلمنا دلالة ما ذكرتموه على جواز التعبد بخبر الواحد إلا أنه معارض بما يدل على نقيضه، وبيانه من جهة المنقول والمعقول:

أما المنقول: فقوله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: ٣٦]، وقوله تعالى: {وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: ٣٣]، وقوله تعالى: {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْ‍ئًا} [يونس: ٣٦]، ... " (٢).


(١) يُنظر: الإحكام للآمدي (٢/ ٤٧ - ٤٨).
(٢) يُنظر: المرجع السابق (٢/ ٥٩ - ٦٠).

<<  <   >  >>