للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بقياسنا هذه الحقائق على المجاز اللغوي؛ فإن العرب لم تضع المجاز اللغوي وضعًا أوليًا ومع ذلك فهو عربي.

وإن أردتم بقولكم: (إن العرب لم تضعها) أي لم تستعملها أصلاً؛ فهذا ممنوع؛ لأن هذه الحقائق مشهورة في لغتهم، وباستعمالهم لها صح استعارة الشارع لها في المعاني التي أرادها، وهذا يُصحح كون هذه الحقائق الشرعية عربية مجازًا؛ لأن حد المجاز _وهو: اللفظ المستعمل في غير معناه لعلاقة بينهما (١) - قد وجد في هذه الحقائق.

• المثال الثاني:

ذكر الصفي الهندي في مسألة (تخصيص الكتاب بخبر الواحد) من بين أدلة القائلين بعدم جواز التخصيص به: "وثالثها: أن الكتاب مقطوع به، وخبر الواحد مظنون، فتقديمه عليه تقديم للمرجوح على الراجح، وهو ممتنع عقلاً.

وجوابه من وجوه: أحدها: نقول: ما المراد من قولكم: إن الكتاب مقطوع به؟ تعنون به أنه مقطوع به في متنه فقط، أو في متنه وفي دلالته على العموم معًا؟

والأول مسلم؛ لكن لا نسلم أن تقديم خبر الواحد الخاص عليه حينئذ تقديم للمرجوح على الراجح؛ وهذا لأنه حينئذ يكون مظنون الدلالة على العموم، وخبر الواحد وإن كان مظنون المتن لكنه مقطوع الدلالة، فلم يترجح العام عليه من جهة القطع" (٢).

• بيان الاستدراك:

استدرك الهندي على دليل القائلين بعدم جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد في قولهم: إن الكتاب مقطوع به، وخبر الواحد مظنون، فتخصيص الكتاب بخبر الواحد فيه تقديم لخبر الواحد على الكتاب، وهذا يلزم منه تقديم المرجوح على


(١) يُنظر: تقريب الوصول (ص: ١٣٣)؛ القاموس المبين في اصطلاحات الأصوليين (ص: ٢٦١).
(٢) نهاية الوصول (٦/ ١٦٣٨ - ١٦٣٩).

<<  <   >  >>