للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شيئين إلا ويصدق بينهما نفي المساواة في شيء من الصفات. وأقله أن يصدق نفي المساواة بينهما في تعينهما؛ لأن كل واحد منهما لا يكون مساويًا للآخر في تعينه، فلا يصدق ثبوت المساواة بينهما من جميع الوجوه.

وإذا كانت المساواة في جانب الإثبات للخصوص تكون مساواة في جانب النفي للعموم؛ لأن نقيض الجزئي الموجب السالب الكلي (١) " (٢).

• بيان الاستدراك:

استدل الحنفية في قولهم: إن نفي المساواة لا يدل على العموم: بأن المساواة بين الشيئين في الإثبات تفيد العموم في تساويهما؛ لأنه لو لم يقتض العموم لم يكن لوصف المساواة فائدة؛ لأن ما من شيئين إلا ويكون بينهما مساواة في بعض الصفات، فإذا ثبت ذلك فقولنا: (يستوي) معناه: كل وجه استواء ثابت في الإيجاب، فهذا كلي موجب.

وقولنا: (لا يستوي) نقيضه، ونقيض الكلي الموجب جزئي سالب، فيكون معنى قولنا: (لا يستوي) بعض وجوه الاستواء ليس بثابت، وهو المطلوب.

استدرك على دليل الحنفية هذا بقادح المعارضة، فقيل: الجواب بالمعارضة بالمثل بأن يقال: المساواة في الإثبات ليس للعموم؛ بل للخصوص؛ وهو بعض المساواة؛ وإلا لم يصدق إثبات مساواة لشيئين أبدًا؛ إذ ما من شيئين إلا وبينهما نفي مساواة ولو في تعينهما، فيكون قولنا: (يستوي) موجبًا جزئيًا بمثابة بعض وجوه المساواة ثابت.

وقولنا: (لا يستوي) نقيضه، ونقيض الجزئي الموجب كلي سالب، فيكون معنى قولنا: (لا يستوي) بمثابة لا شيء من وجوه المساواة بثابت، وهو المطلوب. (٣)


(١) يُنظر: معيار العلم (ص: ٨٠ - ٨٣)؛ شرح السلم للملوي وحاشية الصبان (ص: ١١١)؛ آداب البحث والمناظرة (١/ ٨٩).
(٢) يُنظر: بيان المختصر (٢/ ١٦٩ - ١٧٣)، ويُنظر أيضًا الردود والنقود للبابرتي (٢/ ١٥١).
(٣) يُنظر: شرح العضد الإيجي (٢/ ٦٣٣).

<<  <   >  >>