للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لجواز أن يقال له: لم تصرفت في ملكنا من غير مستند قاطع؟ وكيف أضعت حقنا من نفسك بظن لم تكن منه على يقين؟ وهذا كما قلنا في وجوب شكر المنعم عقلاً؛ حيث كان الخطر في تركه معارضًا بالخطر في فعله؛ حيث كان الشكر إتعابًا لنفس الشاكر بغير إذن مالكها" (١).

• المثال الثاني:

قال أبو الثناء الأصفهاني في مسألة (نفي المساواة هل يقتضي العموم؟ ): "نفي المساواة في مثل قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ} [الحشر: ٢٠]، يقتضي العموم - أعني نفي المساواة من كل وجه-؛ كما أن نفي غير المساواة يقتضي العموم.

وذهب أبو حنيفة إلى أن نفي المساواة لا يقتضي العموم (٢).

احتج الحنفية بثلاثة وجوه: ... الثالث: أن المساواة بين الشيئين في جانب الإثبات للعموم؛ كقولنا: زيد وعمرو متساويان؛ فإنه يقتضي تساويهما من جميع الوجوه؛ لأنه لو لم يقتض تساويهما في جميع الأمور؛ لم يستقم الإخبار بمساواتهما؛ إذ لا وجه لاختصاصهما حينئذ بوصف المساواة؛ إذ ما من شيئين إلا ويكون بينهما مساواة في بعض الصفات؛ لكنه يستقيم الإخبار بالمساواة بين الشيئين بالإجماع، فيكون للعموم، فيكون نفي المساواة بين الشيئين لا يعم؛ لأن نفي الإيجاب الكلي سلب جزئي (٣).

أجاب عن الثالث: بالمعارضة؛ فإن المساواة بين الشيئين في جانب الإثبات للخصوص؛ لأنه لو لم يكن للخصوص لم يصدق مساواة بين الشيئين أصلاً، إذ ما من


(١) شرح مختصر الروضة (٢/ ١١٥).
(٢) يُنظر: تيسير التحرير (١/ ٢٥٠)؛ فواتح الرحموت (١/ ٢٨٩).
(٣) يُنظر موضوع التناقض عند أهل المنطق في: معيار العلم (ص: ٨٠ - ٨٣)؛ شرح السلم للملوي وحاشية الصبان (ص: ١١١)؛ آداب البحث والمناظرة (١/ ٨٩).

<<  <   >  >>