للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واحتج القائل الآخر (١): بأن تعلق الحكم بالشرط كتعلقه بالعلة إذ كل واحد منهما سبب فيه، فإذا كان تكرار العلة يوجب تكرار الحكم فكذلك تكرار الشرط.

قيل: لا نسلم هذا؛ بل بينهما فرق ظاهر؛ وهو أن العلة دلالة تقتضي الحكم فتكرر الحكم بتكررها، والشرط ليس بدلالة على الحكم، ألا ترى أنه لا يقتضيه؛ وإنما هو مصحح له، فدل على الفرق بينهما" (٢).

وقال في مسألة (إنكار الأصل رواية الفرع): "إذا نسي المروي عنه الحديث والراوي عنه ثقة؛ لم يسقط الحديث ....

وقال أصحاب أبي حنيفة: يسقط الحديث.

واحتجوا: بأن الخبر كالشهادة، ثم إنكار شهود الأصل الشهادة يبطل الشهادة؛ فكذلك إنكار المروي عنه الخبر يجب أن يبطل الخبر.

والجواب: هو أن باب الشهادة آكد من باب الخبر، ألا ترى أن شهادة العبيد لا تقبل وأخبارهم تقبل، فدل على الفرق بينهما" (٣).

• المثال الثاني:

ذكر ابن قدامة في مسألة (الأمر المطلق هل يقتضي التكرار أو المرة؟ ) من بين أدلة القائلين بأنه يقتضي التكرار، قولهم: "لأن الأمر بالشيء نهي عن ضده، وموجب النهي: ترك المنهي أبدًا، فليكن موجب الأمر: فعل الصوم أبدًا؛ فإن قوله: (صم) معناه: لا تفطر، وقوله: (لا تفطر) يقتضي التكرار أبدًا" (٤).


(١) أي: القائل بأن الأمر المعلق على الشرط يقتضي التكرار.
(٢) يُنظر: التبصرة (ص: ٢٧ - ٢٨).
(٣) يُنظر: المرجع السابق (ص: ٢٠٦ - ٢٠٧).
(٤) يُنظر: روضة الناظر (١/ ٥٦٤).

<<  <   >  >>