للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاستدرك ابن قدامة على هذا الدليل بقادح الفرق فقال: "والفرق بين الأمر والنهي: أن الأمر يقتضي وجود المأمور مطلقًا، والنهي يقتضي ألا يوجد مطلقًا، والنفي المطلق يعم، والوجود المطلق لا يعم، فكل ما وجد مرة فقط وجد مطلقًا، وما انتفى مرة فما انتفى مطلقًا.

ولذلك افترقا في اليمين، والنذر، والتوكيل، والخبر.

ولأن الأمر يقتضي الإثبات، والنهي يقتضي النفي، والنفي في النكرة يعم، والإثبات المطلق لا يعم.

وتحقيقه: أنه لو قال: لا تفعل مرة واحدة؛ اقتضى العموم. ولو قال: افعل مرة واحدة؛ اقتضى التخصيص بلا خلاف" (١).

• بيان الاستدراك:

لما استدل القائلون بأن الأمر المطلق يقتضي التكرار، بقياسهم الأمر المطلق على النهي المطلق، بجامع الاشتراك في الاقتضاء والطلب، ولأن الأمر في الحقيقة نهي عن ضده.

وبيانه: إذ الأمر بالشيء نهي ضده، فقوله: (صم) معناه: (لا تفطر)، والأمر كالنهي من حيث الاقتضاء والطلب، والنهي أفاد وجوب ترك الشيء، والأمر أفاد وجوب فعله.

والنهي يقتضي وجوب الترك أبدًا؛ فكذلك الأمر يجب أن يقتضي فعل الشيء أبدًا؛ إذ لا فرق بين الأمر والنهي.

فاستدرك على استدلالهم هذا بقادح الفرق، فقيل لهم: لا نسلم قياسكم الأمر على النهي؛ لأنه قياس فاسد؛ لوجود الفارق بين الأمر والنهي، وهذه الفروق هي:


(١) يُنظر: المرجع السابق (١/ ٥٦٨).

<<  <   >  >>