للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم يقع طاعة لكونه مرادًا؛ إذ المعصية مرادة فوقع طاعة؛ لكونه مأمورًا به (١) " (٢).

فاستدرك عليه الغزلي بقوله: "وهذا تحكم على اللغة؛ إذ يقال له: وقع طاعة لكونه مطلوبًا؛ فإن سمي كل مطلوب أمرًا قياسًا على الواجب؛ فلا قياس في اللغة، ولم ينقل متواترًا، ونقل الآحاد لا يوجب العلم" (٣).

• بيان الاستدراك:

يرى القاضي الباقلاني أن صيغة (افعل) مشتركة بين الندب والإيجاب، ولا تحمل على أحدهما إلا بقرينة (٤)؛ لذلك عرف الأمر بأنه: قول جازم يقتضي طاعة المأمور بفعل المأمور به. فيندرج تحت هذا التعريف الندب.

واستدل القاضي على كون الندب أمرًا بكونه طاعة، ولم يقع الندب طاعة لكونه مرادًا، إذ المعصية مرادة أيضًا ولم تقع طاعة، فدل ذلك على وقوع الندب طاعة لكونه مأمورًا به.

فاستدرك الغزلي على القاضي بأن هذا تحكم على اللغة؛ إذ يقال له: وقع الندب طاعة لكونه مطلوبًا، فهل تسمي كل مطلوب أمرًا قياسًا على الواجب؟ فإن كان جواب القاضي: نعم؛ فهذا قياس في اللغة، والقياس في اللغة لا يصح، وإن كان جواب القاضي بلا؛ فإنه لا يسمي كل مطلوب أمرًا قياسًا على الواجب؛ وإنما نقل عن أهل اللغة، فهذا النقل إما أن يكون متواترًا أو آحادًا، ولم ينقل عنهم متواترًا، وإن نقل عن بعضهم تسمية المطلوب أمرًا فهو نقل آحاد، ونقل الآحاد لا يوجب العلم.


(١) يُنظر قول القاضي في مختصر التقريب (٢/ ٥ - ٧).
(٢) المنخول (ص: ١٠٢ - ١٠٣).
(٣) المرجع السابق (ص: ١٠٣).
(٤) يُنظر: مختصر التقريب والإرشاد (٢/ ٢٧).

<<  <   >  >>